مدونة الهوامش المنسية : رصد و حوارات و تساؤلات...من أجل تكريس الحرية و الكرامة و ثقافة الاختلاف لقد تم تغيير اسم المدونة ليصبح " الهوامش المنسية " و سيتم تخصيص صفحة للابداع الشعري تحت اسم " هوس الكلمات ".... كما تمت اضافة مقالات جديدة في ساحة الحوار ...... ..... حركة 20 فبراير : دعوة متجددة للاحتجاج الاجتماعي السلمي ..... ممتن و شاكر لزيارتكم .... للتفاعل و التواصل k.isskela@gmail.com

الدكتور عبد الستار رجب: الاعلام البديل أصاب نظام الاستبداد في مقتل



معاناة زمن الحرية لا تقل عن معاناة زمن الاستبداد

حوار مع الدكتور عبد الستار رجب
حاوره كريم اسكلا
تتمة الحوار
الاعلام البديل أصاب نظام الاستبداد في مقتل
اسكلا: كان للإعلام دور مهم في الثورة التونسية،هذا يقونا إلى التساؤل هل الإعلام هو الذي انتج الثورة أم أن الثورة هي التي أحدثت ثورة في الإعلام ؟
رجب: أنا هنا أميز بين ما يمكن أن نصطلح عليه الاعلام البديل وما نتعارف عليه ب "الإعلام التقليدي" المرئي والمكتوب والمسموع وغير ذلك. الاعلام في تونس كان أحد أدوات الاستبداد. فالنظام قام على ثلاث كثل صلبة،  على حزب حاكم استولى على الدولة، وجهاز بوليس سياسي أذاق الناس الويلات و يعد عليهم أنفاسهم، وعلى اعلام مجير ومنحاز وتابع للسلطة يسبح بحمدها اناء الليل وأطراف النهار. فقد كان الاعلام الرسمي في خانة النظام المستبد إلى غاية سقوطه. ولذلك هو ارتبك ارتباكا شديدا عندما ذهب الغطاء السياسي الذي كان يؤمنه. وسجلنا أن هناك نوعا من الاضطراب والتعثر في الأداء  تولدت عنه  حالة من الانفلات الاعلامي في الاتجاه المعاكس وأصبح هذا الاعلام الذي كان يسبح بالأمس بحمد المستبد أكثر ثورية اليوم. وفي الحقيقة الاعلام الرسمي... في حاجة إلى أن يجري إصلاحات هيكلية ونوعية داخله، وعليه أن يقدم مراجعته وأن يعتذر جزء منه للشعب على ما اقترفه في حقه. ونعتبر أن جزء منه يعمل في هذا الاتجاه لكنه في جزء كبير منه لازال يمثل الاعلام التقليدي، مجرد عناوين بارزة لثورة مضادة يمكن أن تهدد ما حققته الثورة بتونس من مكتسبات.
في المقابل نسجل أن الاعلام البديل في مرحلة ما قبل الثورة إلى حين 14 جانفي وبعدها بقليل كان هو الذي شكل المتنفس رغم الرقابة الحديدية التي كانت تفرض على  الانترنت. مثل المتنفس لإشاعة الخبر الذي يتصل بالثورة ولتنظيم التحركات  ولتقديم المواقف  والتحليلات، على قلة ذات اليد من الناحية الفنية والتقنية من حيث أدوات الكتابة الاعلامية وغيرها لهذا الصحفي المواطن الذي اخذ مكان الصحفي المهني الرسمي. ومثل هذا الاعلام البديل أساسا في المدونات و الشبكات الاجتماعية الدراع المتقدمة لمختلف الفاعلين في المشهد الثوري، ونسبيا رجح الكفة قليلا وأزعج و أصاب في مقتل في كثير من الاحيان منظومة الاستبداد من خلال إشاعة الخبر ونشره وتقديم مستنداته وغير ذلك.
لكن نسجل كذلك بنوع من الملاحظة النقدية لهذا الاعلام، أنه في مرحلة لاحقة، أساسا قبل الانتخابات وبعدها، جزء من هذا الاعلام البديل دخل في لعبة التعبير عن المواقف الايديولوجية والسياسوية التي يمكن أيضا أن تشكل خطرا يهدد الثورة. أنا أسجل أن جزء من الاعلام البديل يعيش حالة من الانحراف
عن دوره المتمثل في الاصرار على تحقيق مكاسب الثورة وتعديل البوصلة باتجاهها، وانخرط للأسف في صراعات ايديولوجية سياسوية بالاعتبار الحزبي، و أنا لا اعتبر أن هذه وضيفته الاصلية والحقيقية الذي هو معني بانجازها في هذه المرحلة.


عندما يصبح الاعلام البديل مؤدلجا يصبح في خدمة الثورة المضادة

اسكلا: هل تريد أن تقول ان الاعلام البديل عندما يدخل في الصراعات الايديولوجية قد يخدم أجندة الثورة المضادة ؟
رجب: هذا ما يمكن أن نقره من توصيف لما يقع على الأقل لدينا في تونس، ولعل هذا راجع إلى غياب تقاليد العمل المهني في الصحافة البديلة والى غياب ميثاق أخلاق مهني لهذا النوع من الصحافة. وعملية ضبط هذا الانفلات الذي أصبحت الإشاعة ساكنة فيه بشكل كبير ...يحتاج إلى اجتماع المعنيين به من  مدونين وصحفيين بدلاء ليتواضعوا على ميثاق شرف وعلى قواعد عمل تضمن أن لا ينحرف هذا الإعلام الذي نبني عليه امالا كبيرة في تطوير المشهد الإعلامي عن مساره الاساسي وهو الوصول مع المجتمع، أقول الوصول مع المجتمع ولا أقول الوصول بالمجتمع، إلى أفق تحقيق أهداف الثورة المتمثل أساسا في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.

اسكلا: هل كان بالإمكان أن تنجح ثورات الربيع الديموقراطي لولا الدعم الغربي؟

رجب: أولا يجب أن نفصل القول بين هذه الثورات، فهي ليست واحدة، وأسمح لنفسي بالحديث عن التجربة التونسية... فبالنسبة للثورة التونسية، فيقرر البعيد قبل القريب أنها كانت مفاجئة لكل الأطراف، بما فيها الاطراف الخارجية، وسجلت هذا مجموعة من المقالات الصحفية والتصريحات والتقارير والكتابات...لم يكن للثورة التونسية أي أجندة خارجية دخل فيها، كانت ثورة أصيلة، نابعة من رحم هذا المجتمع، صيغة بمفرداته وأدواته، ودمائه وهتافاته وصياحه...وبينت خلال مختلف مراحلها أن الشعب التونسي له ذاكرة نضالية أولا، وله تجربة في الاصلاح السياسي ثانيا، وأيضا له عقل سياسي قدر على أن ينتقل بالحراك ،بعد تحقيق انتصار نوعي بهروب الحاكم المستبد، ليتمكن من أن ينتقل بالحراك الاجتماعي والسياسي من الشارع إلى المؤسسة. وأتمنى من كل المعنيين بالشأن التونسي من مثقفين وسياسيين ومن مختلف الشرائح الاجتماعية ومجتمع مدني أن يتمسكوا بهذه الآلية المتصلة بالنضج السياسي  للمجتمع, والتي تعمل دائما على إدارة الخلاف بنوع من العقلانية والواقعية والحكمة المتبصرة. 

0 التعليقات:


جديد: مقالاتي في كتاب الكتروني للتصفح - اضغط وسط الاطار -

الهوامش المنسية في كتاب ورقي

الهوامش المنسية في كتاب ورقي

 
-