مدونة الهوامش المنسية : رصد و حوارات و تساؤلات...من أجل تكريس الحرية و الكرامة و ثقافة الاختلاف لقد تم تغيير اسم المدونة ليصبح " الهوامش المنسية " و سيتم تخصيص صفحة للابداع الشعري تحت اسم " هوس الكلمات ".... كما تمت اضافة مقالات جديدة في ساحة الحوار ...... ..... حركة 20 فبراير : دعوة متجددة للاحتجاج الاجتماعي السلمي ..... ممتن و شاكر لزيارتكم .... للتفاعل و التواصل k.isskela@gmail.com

الانتخابات بالمغرب: هل ستنجح ديمقراطية الواجهة في كبح المد الاحتجاجي ؟




الانتخابات بالمغرب: هل ستنجح ديمقراطية الواجهة في كبح المد الاحتجاجي ؟
كريم اسكلا
25 نونبر 2011


Zone de Texte: "جميع الشعوب والمجتمعات المقهورة على وشك الانفجار، فنتيجة تكثل مافيات الفساد المالي والسياسي والإداري والحزبي والأمني والأسري والعشائري تولد شكل مقزز من الديكتاتوريات الإقطاعية المتعددة الجنسيات لا يمكن لأي أحد أن يستمر في تناسيها والتعايش معها. سبق للبروفيسور المهدي المنجرة أن سماها بانتفاضات في زمن الذلقراطية. والأكيد أن موجات الرفض والإنتفاضات كانت تغلي منذ زمن طويل مرورا بجملة من الاحتجاجات "... أنثروبولوجيا التضحية: الفينيق التونسي وثمن الثورات / كريم اسكلالم يتمكن التعديل الدستوري من الحد من احتجاجات الشارع المغربي، بل وحتى قبل الاستفتاء عليه تزايد زخم الاحتجاج، وتجددت في العديد من المدن و القرى المغربية موجات الاحتجاج للمطالبة بإسقاط الفساد و الاستبداد و مقاطعة الاستفتاء على الدستور و بعده مقاطعة الانتخابات، و في عز الحملة الانتخابية للأحزاب المشاركة خرجت مسيرات وصفت بالأضخم منذ20  فبراير ، ليجد النظام المغربي القائم نفسه أمام خيارات صعبة، إما الاستجابة لمطالب الشارع بدون شروط و لا تحفظات، أو اللعب بما تبقى له من أوراق المناورة و تأجيل الغضب الشعبي و محاولة إرضاء المواطنين ببعض الإصلاحات الجزئية. و ذلك إما بالاستمرار في نفس سياسته الحالية بتقديم بطانته و حاشيته الحالية ضمن مجموعة الثمانية، أو بالاتكال على رموز الكتلة التاريخية و بعض التكنوقراط، و في أكثر السيناريوهات مكرا يمكن الدفع بالإسلاميين إلى السلطة معززين ببعض اليمينين و اليساريين المعتدلين كشكل من أشكال حكومة وحدة وطنية وسطية.

Zone de Texte: "بعد تصاعد صوت حركة 20 فبراير و مطالب التغيير بالمغرب و بعد خطاب 9 مارس، بادرت مجموعة من الدول و الهيئات إلى مدح تجاوب السلطة مع المطالب الاجتماعية للشعب. و من هذه المؤسسات نجد البنك الدولي و زيارة مديره العام للمغرب، و كذا المبادرة الأخيرة لدول الخليج، لنتساءل ألن يؤدي مجلس التعاون الخليجي و البنك الدولي الآن نفس ذلك الدور الذي قامت به الحماية الفرنسية حين تدخلت فرنسا في المغرب لحماية النظام السياسي وحماية مصالحها ؟ فالحل الذي إغراق المغرب بالديون واقتصاد الريع المبني على البترودولار لإسكات حناجر الكادحين و الفقراء."
المغرب في مفترق طرق : الكرامة أو البترودولاروقد أشرت في مقال سابق تحت عنوان: تعديل الدستور .. و ماذا بعد ؟ إلى " أن النظام المغربي اتجه إلى محاولة التحكم في سقف الخيار الثوري، عملا بمبدأ أنه إن كان لابد من ثورة فلنعمل على ألا تكون ثورة جذرية. لكن الخوف كل الخوف هو أن يقع الانقلاب حتى على هذا المستوى من الإصلاح بعد الاستفتاء على الدستور، و ذلك باستغلال إلهاء الشعب بمكسب  التعديل الدستوري. لذا يجب الانتباه إلى عدم السقوط في الفخ الذي وقعنا فيه بعد جلاء الاستعمار، أن نفرح بمكسب منقوص و ننسى استكمال التحرر.  لذا لا يجب أن ينسينا التعديل الدستوري استكمال أجندة التغيير. و إذا كانت الثورة يصنعها مغامر ويرثها انتهازي، فلا يجب أن يصنع الشعب إصلاحا و يلتف حوله مفسدون يحرمونه حتى من ذلك الإصلاح." فهل يكون الاسلام السياسي هو من سيقطف ثمار هذا الإصلاح غير المكتمل ؟

وكيفما كان الحزب الفائز في الانتخابات، فيبقى الرهان بالنسبة للنظام المغربي هو مدى شرعية الانتخابات ذاتها، قبل أن نرى نتائجها، بحيث من المرجح أن تكون نسبة المشاركة ضعيفة جدا، و بالرغم من تلاعب الدولة بالأرقام بحيث أشارت إلى أن عدد المواطنين المسجلين هو حوالي 13  مليون مواطن في حين أن الإحصائيات تقول أن عدد المواطنين الذين يحق لهم المشاركة ( أي الذين يبلغون من العمر أكثر من 18  سنة ) هو حوالي 25  مليون. بهذا المعنى حتى ولو شارك كل هؤلاء الذين تقول وزارة الداخلية أنهم مسجلين فإن نسبة المشاركة عندئذ لن تتجاوز 51%. هذا يعني انه إن صرحت الدولة بأن نسبة المشاركة بلغت حوالي 40 % فهذا يعني أن النسبة الحقيقية في حدود  .19%

إن النسق السياسي  المغربي عبارة عن لوبيات إدارية واقتصادية وساسية ذات امتدادات أخطبوطية في المجتمع، تعتبر أي تغيير لفائدة البلد تهديدا خطيرا لمصالحها، بالتالي قد يكون من المستحيل إحداث تحولات حقيقية دون إعادة النظر في مجمل النسق المجمعي و السياسي بشكل عام، ما دامت العديد من المؤشرات تدل على اشتداد عوامل مقاومة التغيير، مثل التضييق على حريات التعبير( سجن الصحفي نيني مثلا، سجن مغني الراب الحاقد..).، الاعتقالات و الاغتيالات ( أكثر من 1200 حالة اعتقال و استنطاق، و11حالة اغتيال، واستمرار البروتوكولات المخزنية، تزكية الجمع بين السلطة و المال دون مراقبة، و الجمع بين السلط والمسؤوليات دون محاسبة....

يبقى الأفق حابلا باشتداد وطيس حرب ارادة التغيير وجيوب المقاومة، الطرف الأول ستترسخ شرعيته مع استمرار تردي الأوضاع الاجتماعية و الاقتصادية و الحقوقية، و تزايد الحس التحرري و الثوري مع ارتفاع نسبة الشباب... واستشعار نسائم الحرية و الديمقراطية من دول تقطف ثمار ثوراتها ...والطرف الثاني سيعزز أسلحته بالتعاضد مع لوبيات الاقتصاد العالمي ( صندوق النقد و البنك الدولي ...) وشركات البترودولار خاصة بعد التفكير في تشكيل نادي الملكيات و ذلك لإنجاح تجربة المغرب و تقديمها كنموذج لإمكانية التغيير من داخل و بواسطة المؤسسات القائمة.

قصيدة : مدرسة الكرامة



قصيدة بمناسبة الدخول الدراسي ، استنكارا لوضعية المنظومة التعليمية بالمغرب.

 كريم اسكلا
مدرسة الكرامة
كافٌ ...راءٌ...ألفٌ ...ميمٌ  ... تاءٌ
كرامةٌ.
درس اليوم يا أبنائي
ليس عن خط الحروف على السطر
أو عن الفرق بين الدم و الماء و المطر
...
بالأمس كنت أحثكم
على السير في الصف و وضع اليد على الكتف
و تقبيل الأيادي
و احترام كل القواعد
بالأمس كنت أعلمكم كل أنواع السجود و الركوع
للعابد و المعبود،
كنت أحدتكم عن شأن العلم و الوطن و الهم.
لكن بعد أن تجددت في البلاد محاكم التفتيش
و اختطف جنح الليل شبابا صرخ بالصبح
وذابت أحلام التغيير بين سجن و إحراق
وحملت طيور الزاجل رسائل مخظبة بالدماء
إلى من لا يهمهم أمر الأوطان.[1]
...
قرب ما كنت أسميه مجلس الشعب
تواجه إرادتكم بالصفع
و يمثل عليكم ممثلوكم
و بالنيابة عنكم ينام النواب.
...
معطل،عامل، فلاح
...
بعد الخطاب مارسوا حقهم في الضجيج
لكن حجاجا رأى رؤوسا قد أينعت
فخيرهم بين الاستحمار و الاستعمار.
في ساحة البريد[2] يا أبنائي
كسروا أقلام الأستاذ
مزقوا بذلته
أحرقوا دفاتره
سالت دماؤه على الإسفلت.[3]
...
درس اليوم يا أبنائي
ليس عن عهد الاستعمار و طي صفحة الرصاص
فسياط ابن العم أقسى على المرء من قنابل الأعداء.
... نعم ...
كنت أعلمكم قول نعم
لمناداة مناد
أو لطلب مخبر أو خفير
بعد الان،
للمرة الأولى أرجو أن تنسوا كل تلك الدروس
لا لتقبيل الأيادي
لا للخنوع و الركوع
لا ...لا ...لا
لا لثقافة العبيد.
...
يا أبنائي انسو كل تلك الدروس
جروا فاعلا
دنس أرض البلاد،
و اكسروا الصمت بالصراخ،
و ارفعوا مفعولا به
سقط في ساحة الشهداء
و هاماتكم و شارات النصر،
أما حصة الإعراب
فأعربوا
عن عشقكم للشعب.
...
هل تتذكرون درس الحساب
اضربوا الأخماس في الأخماس
أضيفوا الأصفار إلى وجه الفساد
اطرحوا الاغلال عن الافواه.
...
وإذا ما زمجرت جحافيل القمع
و أصدر قاض أمره النافذ بالقتل
افترشوا الأرض
كي لا يحتار الجلاد بين الركل و الرفس
و تذثروا بالاكفان
فيزرعونكم في في الثراب دون غسل
ألا تتذكرون درس البذور و الأزهار؟
و إذا ما سالت دماؤكم
فذاك حبر تخطون به  ك  ر  ا م ة
كرامة للأحياء،
و إذا كان حظكم الحياة
فارسموا على جدران الزنازن
قلما و حماما،
وردا و أقحوانا،
قلبا و سنبلة،
فغدا تمسي السجون
متاحف لرثاء الإستبداد.

كريم اسكلا
24 أبريل 2011
http://isskela.blogspot.com

 -  تعاطفا مع جميع الشهداء و المختطفين و المعتقلين  و المصابين خلال المظاهرات التي دعت  و تدعوا و ستدعوا إليها حركة 20 فبراير. [1]
 -  ساحة البريد توجد بالقرب من البرلمان بالعاصمة الرباط.[2]
 - استنكارا للتدخل الأمني في حق الأساتذة  و الذكانرة يومي 24 و 26 مارس 2011[3]


أبجديات ثقافة الاختلاف





 أبجديات ثقافة الاختلاف



 كريم اسكلا


      يمكن تعريف الاختلاف على أنه  كل ما كان اختلافا في الوسائل مع الاتحاد بين المختلفين في الغايات، على عكس الخلاف الذي يحمل في مضمونه معنى النزاع والشقاق والتباين الحقيقي فهو خلاف في الوسائل والغايات.


      نعلم جميعا أن الاختلاف شيء طبيعي و يتجلى في كل شيء في الكون تتحد الأشياء لتشكل جوهر ماهيتها لكنها تتعدد و تتنوع لتشكل جوهر بقائها. فلو لا اختلاف الأشياء لما ضمنت كينونتها و استمرارها. لكن رغم معرفتنا بكل تلك المبادئ و القيم إلى أي حد نستلهم منها مواقفنا و سلوكاتنا اليومية؟ هل نستحضر الحق في الاختلاف في تعاملنا مع من يختلف عنا في اللون و اللغة و الدين ...؟ إذا كنا بيض البشرة ألا نصف السود بالعزي أو بالعبد ...، و إذا كنا سود البشرة ألا ننعت البيض بأبناء الوندال و النصارى و المستعمرين...؟ ألا نصف اليهود و النصارى بأبناء القردة و الخنازير ؟  ألا نصف الأشخاص في وضعية إعاقة بأقبح الأوصاف ؟ ألا نصف النساء بأنهن ضلع اعوج و أن كيدهن عظيم ...؟ ألا نصف معارضينا بالخونة و العمالة و الشذوذ ...؟ ألا نعامل من يختلف عنا في ذوقه و اختياراته بالجفاء و الاستهزاء ؟ ... و غيرها من المواقف التي تبرز عدم اتساع صدرنا للاختلاف.


      فلنتأمل قليلا لنفهم كيف أن عدم تقبلنا للاختلاف هو في جوهره عدم تقبل للذات. فلولا الاختلاف لما كنا نحن نحن، و لما كنت أنت أنت و هو هو، يختلف الناس من حيث الشكل و اللون و العرق و اللغة و المعتقد ...أي أننا نختلف سواء من حيث الفطري أو المكتسب، لكننا نتحد من حيث جوهر الوجود، و جوهر وجود الإنسان ما هو إلا تحقيق إنسانيته. و في مسعى تحقيق إنسانية الإنسان قد نختلف في الوسائل و السبل، كما قد تواجهنا نفس التحديات و ربما تختلف. لكن قد نتفق جميعا على أن العراقيل الحقيقية التي تواجه تحقق إنسانية الإنسان هي الجهل و الفقر و الظلم و غياب العدالة. بالتالي فإذا تبين لنا العدو الحقيقي للإنسان سيتحد الشخص مع أخيه و ابن عمه و جاره و ابن دربه و ابن مدينته و ابن بلده و ابن قارته ... لمواجهة العدو الحقيقي للإنسانية.  بالتالي لن نفكر بعد ذلك في مشاكلنا الهامشية مع الجار أو ابن العم أو المنتمي إلى قبيلة أو عشيرة أو إلى لغة أو عرق أو معتقد أو دين أو دولة معينة.


     لو حللنا العديد من الظواهر السسوسيولوجية و السيكولوجية لوجدنا أسبابها تلتقي أساسا في فشلنا في تدبير اختلافاتنا:



  • التطرف الديني  و القتل باسم الدين و التكفير ... ما هي إلا نتيجة عدم قدرتنا على فهم و تفهم قانون الاختلاف في الرأي و المعتقد، و سعي كل طرف إلى ممارسة وصايته الدينية على الآخر المختلف. لم نفهم بعد أن إيماننا بشيء معين لا يعطينا الحق في مصادرة حق الأخر في الاعتقاد بما يراه مناسبا. لم نفهم بعد معادلة بسيطة مفادها  أن المرء الذي يؤمن بشيء ما فهو في نفس الوقت يكفر بأشياء أخرى، فهو مؤمن و في نفس الوقت كافر. لماذا إذن سينعت الأخر بالكافر؟  ذلك الذي تعتبره كافرا هو في نفس الوقت يعتبرك كافرا... فإذا كان رأيك صوابا لا يحتمل الخطأ، فلا تنسى أن رأيه خطأ يحتمل الصواب.
  • الصراعات القبلية و العرقية العنصرية ... و التعصب القومجي للغة ما ... و سفك الدماء باسم عرق أو لغة معينة أو لون معين... كما يتضح ذلك مثلا في النزاعات بين السود و البيض، أو في الصراعات الشوفينية حول أفضلية لغة ما على أخرى،... كلها أيضا نتيجة فشلنا في الإيمان باختلاف ألواننا و لغاتنا و أعراقنا و تمازجها. فلماذا لا زلت  نزعات غارقة في عمقنا الانتروبولوجي تشدنا إلى ثنائيات   الإله / إبليس ، هابيل/ قابيل، الخير / الشر ... بحيث نعتبر دائما المختلف عنا إبليس محتقرا ملعونا ...، و نعتبر أنفسنا مقدسا منزها متعاليا...


       فليس من المقبول أن تستمر أخطاء الماضي/ السلف  في رهن الحاضر و المستقبل/ الخلف، لا يعقل أن تستمر الصراعات القبلية و العرقية و العشائرية في كبح كل محاولة للتحديث و التنمية في المجتمعات القبلية.



  • معتقلات الرأي و الفكر... و محاكم التفتيش و الاغتيالات و نفي و تخوين المفكرين  المعارضين... و إقصاء و إهانة كل من يختلف عنا في الاختيارات و الميولات و الذوق ... و الاستهزاء و السخرية منه... هي أيضا نتيجة عجزنا على تدبر اختلاف التوجهات السياسية و الفكرية.
  • التمييز على أساس الجنس، و التحرش الجنسي و الاغتصاب، قتل و تمزيق بعض الزوجات لأزواجهن،... هي أيضا نتيجة لعجز مجتمع الذكور على فهم اختلافه عن مجتمع الأنات. و عجز مجتمع الإناث على فهم اختلافهن عن مجتمع الذكور. أو مثلا انتحار البعض بسبب عاهة جسدية أو إعاقة، فاختلافنا عن الآخر لا يجب أن يشعرنا لا بالدونية و لا بالاستعلائية. فما يمتلكه الآخر ميزة له و ما أمتلكه ميزة لي.


  

       و بطبيعة الحال للتأسيس لثقافة الاختلاف لابد من حراك شبابي مدني يعيد قراءة أولوياته و اختلافاته قراءة حداثية تنويرية تتأسس على القبول بالذات و بالآخر المخالف و المختلف. و بالرغم من أن كل واحد منا بحمل في وجدانه مبادئ و قيم الحق في الاختلاف، لا ضير في  الأخير من الإشارة إلى بعض آداب ثقافة الاختلاف :



  • تقبل رأي الآخرين برحابة صدر أيما كانت تلك الآراء ومهما كانت تخالف رأينا الشخصي .
  • عدم إجبار الآخرين على قبول آراءنا الشخصية دونما اقتناع تام منهم .
  • عدم تحويل الاختلاف إلى صراعات وخلافات.

المخزن هو المخزن - المخزنقراطية الثانية -

المخزن هو المخزن
- منشور في موقع ورزازات أونلاين تحت عنوان المخزنقراطية -


على الأقل كنا نحسب أن المخزنقراطية ستقطع عمليا مع أساليبها العتيقة في استغباء المواطنين، لكن الطبع يغلب التطبع، كنا نعتقد أن خجلها من متابعة وسائل الإعلام و المراقبين الدوليين سيجعلها تبتكر أساليب أكثر عصرنة في صناعة وهم الديمقراطية، لكن المخزنقراطية فشلت مرة أخرى في اقتناص فرصة تاريخية لمراجعة ميكانيزمات عملها. فقد تم خرق الدستور حتى قبل وضعه، أولا  - و إن تجاوزنا آلية صوغه-، فقد تم العمل بمبدأ - شاورها و مادير بريها – حيث أن النسخة التي طرحت للاستفتاء ليست النسخة التي قدمت اللجنة الاستشارية. ثم خرق آخر بعدم حياد وزارة الداخلية و الإعلام العمومي وعدم حياد عاهل البلاد، خرق آخر في تسجيل المواطنين في اللوائح دون طلب منهم، خرق أخر في عمل أعوان السلطة على ترهيب و تعنيف المواطنين الداعيين إلى المقاطعة – كما جرى في تينغير حين تهجمت بلطجية السلطة المحلية على وقفة لحركة 20 فبراير - ، خرق آخر في تعليق لافتات و مطبوعات لجمعيات وهمية و أخرى لمؤسسات دون علمها – كما حدث في بومالن دادس حين علقت السلطات المحلية لافتة تدعوا إلى التصويت بنعم و كتبت عليها اسم الكدش - ... في مجموعة من المواقع استمرت جرة الكمنجة الداعية إلى التصويت بنعم إلى أوقات متأخرة من الليل، و يوم الاقتراع تحركت جيوش القياد و الشيوخ والمقدمين لمراقبة لوائح الحضور إلى مكاتب التصويت، و الويل كل الويل لكل من سولت له نفسه التغيب. حذار من التصويت بلا فلا من الشيطان ... لا توقيع  في لوائح المشاركة... في بعض المكاتب تم التصويت دون وثائق تبوثية ... كل ذلك و ما خفي أعظم، يثبث أن المخزنقراطية الثانية أبت إلا أن ترتدي جلبابها القديم بخروقات عديدة جديدة تكشف عوراتها التي لا تبشر بالجمال.

كريم اسكلا
- منشور أيضا في موقع sudinfos -

تعديل الدستور .. و ماذا بعد ؟


التفكير المتجدد في الأجندة الحقيقية للتغيير

- تعديل الدستور .. و ماذا بعد ؟ -

كريم اسكلا

k.isskela@gmail.com

http://isskela.blogspot.com


 بعد الإعلان عن استقلال المغرب سجل  نوع من " انسحاب " المجتمع إلى الاهتمام باليومي والاجتماعي على حساب السياسي، فهل سيؤدي الاستبشار بالإصلاح الدستوري إلى ارتكاس الحس الاحتجاجي والسياسي كما حدث بعيد إعلان جلاء الاستعمار ؟ ماذا بعد تعديل الدستور ؟ ما هو مصير جدول أعمال التغيير؟ هل سيعقب الإصلاح الدستوري إصلاحات سياسية وثقافية و اقتصادية؟ ... ( و بالعامية المغربية:  تعديل دستور أومنبعد ؟ - – et alors ) إنها جملة من التساؤلات المشروعة المطروحة بشدة في ظل حراك سياسي  واجتماعي متسارع، سنحاول في هذا المقام بسط بعض جوانبها على طاولة الحوار العمومي.

عادة ما كان البعض يلخص مجمل المشاكل التي يعانيها المغرب في " انسحاب " المجتمع من المشاركة في الشأن العام، على أساس أنه بالرغم من أن الجميع أصبح واعيا بعمق المشاكل البنيوية لمغرب ما بعد الاستقلال إلا أنه  لوحظ "انسحاب" للشعب إلى همومه اليومية فرحا بإعلان الاستقلال، و ترك تدبير السلطة لقلة من النخب تصارعت لبسط هيمنتها على مقدرات البلد في غفلة من المجتمع المدني. و هذا فيه شيء من الصحة، فبالرجوع إلى فترة الاستعمار كان جميع المواطنين منخرطين في الهم السياسي إلى النخاع ... كان هناك مجتمع مدني فاعل بكل المستويات بالتالي كانت المحاسبة و المراقبة سارية على الجميع، بما أن حب الوطن و الإيمان بالقضية هو الذي كان يحرك الغالبية. لكن أقلية من الانتهازيين  استغلوا التراخي الشعبي الذي تلا جلاء الاستعمار المباشر لإحكام القبضة على دواليب الدولة ليسيروها وفق أهدافهم ومصالحهم. كما شأن فريق لعبة انشغل بالفرح بانتصار غير مكتمل قبل نهاية المباراة ... لكنه في آخر المطاف هزم.
إذا كانت " ثورة الملك و الشعب" نجحت في إبعاد المستعمر، فان الفرحة الزائدة الناتجة عن ذلك حجبت العديد من الأشياء منها المفاوضات السرية التي كانت بين " الحركة السياسية " و القصر و سلطات الاستعمار  و التي نجهل عنها العديد من التفاصيل، إذ تركت مجموعة من القضايا عالقة كمسألة الحدود و مصير العديد من المناضلين، والتعويض عن الفترة الاستعمارية وجرائم الحرب التي ارتكبت خلال فترة الاستعمار، إضافة إلى أنباء عن أن صفقة  قد تكون تمت بين المستعمر و " الحركة السياسية " ، بحيث يمنح المغرب استقلالا شكليا مقابل أن تعمل الطبقة الحاكمة على منع وصول  أصحاب الفكر الثوري الشيوعي اليساري أو الفكر الديني الراديكالي إلى الحكم بأي شكل من الأشكال سواء في  الريف أو في الجنوب ... و التاريخ يبرز أن ما يسمى الآن " بالخيار الانفصالي" كان نتيجة القمع الذي طال هذه المناطق بعد الاستقلال، إضافة إلى أن " الانسحاب "  الشعبي من الشأن العام ترك المجال للبعض للانقلاب على أهداف تلك الثورة، ليرجعوا الاستعمار من النوافذ ويغرقوا البلاد في مخططات تكرس التبعية الاقتصادية والثقافية و السياسية للمستعمر.

إن من حسنات الحراك الاحتجاجي الذي أنتجته حركة 20 فبراير أنها أعادت المواطن المغربي إلى الحقل السياسي، ليصبح  مشاركا و متفاعلا و مبادرا لكن من داخل الشارع العام، خروج الشعب المغربي إلى الشارع العام يثبت أنه لم يكن عازفا عن السياسة و سلبيا إنما يثبت فشل البنيات القائمة في الرقي إلى مستوى انتظاراته، فالفعاليات النشيطة في هذا الحراك بخروجها إلى الشارع تعلن عمليا عن فشل و عدم صلاحية العمل من داخل المؤسسات والبنيات القائمة، و تطرح بديلا آخر هو التغيير من الخارج. حيث يؤكدون أن  كل من حاول التغيير من داخل المؤسسات تم احتواءه و تدجينه، إذ  أن  قوة تمسك المؤسسات بالاستقرار أكبر من رغبة البعض في التغيير. فالراغب في الإصلاح هو من يتغير في الأخير و ليس البنيات.

إن الإشكال الذي يجب أن يحله الفكر السياسي المغربي المعاصر هو كيف يمكن لمؤسسات أنشئت بشكل تقليدي لتحافظ على الاستقرار أن تصبح مؤسسات حداثية تقود إلى التغيير ؟ فجل المؤسسات التي بنيت في  ما بعد الاستعمار ، بما فيها  بعض الأحزاب و و الجمعيات،  هي مؤسسات تقليدانية محافظة في جوهرها بالرغم من أنها تظهر على أنها حداثية و مدنية. فإذا كان من الطبيعي جدا أن تكون هناك قوى تعمل جاهدة على الحفاظ على الأوضاع ثابتة ومستقرة لان أي تغيير قد يهدد امتيازاتها و مصالحها، فكيف يمكن لمؤسسات الدولة مثلا أن تتضمن آليات و ميكانيزمات  تتسع للتغيير؟ بصيغة أخرى هل يمكن لنفس البنيات و النخب التي أنتجت  الوضع الحالي - الإفلاس المستديم - أن تنتج وضعا أفضل ؟ هل يمكن لمن صنع الإهانة أن يصنع الكرامة ؟

لقد أظهر خطاب العاهل المغربي يوم 9 مارس نية للدولة في التغيير، إذ طرحت مقاربة التعديل الدستوري كحلقة في السيرورة التي يعيشها المجتمع المغربي، و قد أريد لهذه الخطوة  أن تحدث خلخلة في أجندة الحراك الاحتجاجي الشبابي،  و ذلك عبر مستويين : مستوى يظهر فيه التعديل الدستوري كهبة و منة من السلطة لا كحق انتزع،  و مستوى ثاني  يتم من خلاله نزع أي مبرر لاحتجاج، كأننا بصدد حالة طوارئ غير معلنة، بحيث سيتساءل البعض لماذا سيخرج الشعب للشارع مع أن الدولة قدمت له أكثر مما طلب ؟ لكن المفاجئ أن الاحتجاج استمر أيضا بعد الخطاب و هذا ما أحرج الأجهزة الأمنية مما دفعها إلى التصدي له بالقوة.  

على مستوى " منة الدستور"، سواء من حيث الشكل و من حيث السياقت التي قيل أنه تمخض عنها  و من حيث طريقة تكوين اللجنة المكلفة بإعداده و بالتشاور حوله ...  كل ذلك يكرس صورة المؤسسة الملكية كفاعل أوحد و وحيد . متقدم على الجميع بما فيهم الحكومة و الأحزاب من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار ... كما ينزاح بالنقاشات الجوهرية حول الفساد و الكرامة و العدالة الاجتماعية إلى النقاش الدستوري، كأن مشاكل المغرب هي  مع الدستور، في حين أن التاريخ أثبت أن الدستور غير المكتوب هو الذي كان معمولا به أصلا، كما أن فاعلين في الظل هم المحرك الأساس للدولة. كما أن الدستور الحالي فيه من الايجابيات الشيء الكثير. ففي الدستور الحالي هناك اختصاصات للحكومة و للبرلمان لكنها لم تفعل. لم يكن مطلب تعديل الدستور مركزيا في مطالب حركة 20 فبراير على الإطلاق، إذ أن الجوهري بالنسبة لها هو منطق الممارسة الفعلية، أي مطلب ممارسة السلطة السياسية عبر مؤسسات  شفافة و ديموقراطية  في إطار دولة مدنية  تستمد شرعيتها من الإرادة الشعبية لا عبر المراسيم و الظهائر ، و ما يتطلب ذلك من إلغاء العمل بالثنائية القطبية ( ولاة و عمال معينون يمارسون الوصاية على مجالس منتخبة ). و فصل واضح للسلط يقترن فيها  تحمل المسؤولية بالمحاسبة والرقابة. وينفصل فيها أيضا الجمع بين السلطة و المال، و ما يتطلبه ذلك من تفكيك منظومة المخزنقراطية. واقتصاديا معاملات تحكمها العدالة الاجتماعية و ما يتطلب ذلك من تفكيك اقتصاديات الريع و الكريمات والهبات...
   
أما على مستوى المقاربة الأمنية، فقد لوحظ أن هناك جيوبا عديدة للمقاومة تقاوم حتى سقف الإصلاح المعلن عنه، و تستكثره على الشعب بحجة الإرهاب أو اليسار الجدري أو الطوفان الياسيني أو التطرف الأمازيغي ... أو البوليزاريو أو الجزائر ... أو تدهور الاقتصاد و السياحة.  فالمنطق  الانتروبولوجي للهبة يستوجب أن يظل من منحت له الهبة مدينا للواهب، و لا يفترض منه أن يطالب أكثر من ذلك.

نفهم إذن أن النظام المغربي اتجه إلى محاولة التحكم في سقف الخيار الثوري، عملا بمبدأ أنه إن كان لابد من ثورة فلنعمل على ألا تكون ثورة جذرية. لكن الخوف كل الخوف هو أن يقع الانقلاب حتى على هذا المستوى من الإصلاح بعد الاستفتاء على الدستور، و ذلك باستغلال إلهاء الشعب بمكسب  التعديل الدستوري. لذا يجب الانتباه إلى عدم السقوط في الفخ الذي وقعنا فيه بعد جلاء الاستعمار، أن نفرح بمكسب منقوص و ننسى استكمال التحرر.  لذا لا يجب أن ينسينا التعديل الدستوري استكمال أجندة التغيير. و إذا كانت الثورة يصنعها مغامر ويرثها انتهازي، فلا يجب أن يصنع الشعب إصلاحا و يلتف حوله مفسدون يحرمونه حتى من ذلك الإصلاح.

على الحراك الاحتجاجي أن يتنبه بشكل مستمر إلى الأجندة الحقيقية للتغيير، هذه الأجندة التي يجب أن تحدد أولوياتها جماهيريا و بطريقة تشاركية لا أن تفرض من طرف جهة معينة، على هذا المستوى من الضروري أن يتم حسم النقاش حول جملة من القضايا مثل سلمية الاحتجاج و إلغاء الرايات الحزبية والإيديولوجية و القومية و اللغوية و الدينية ... و الالتزام بالخيار الديمقراطي المدني.
كريم اسكلا

28/05/2011.

المغرب في مفترق طرق : الكرامة أو البترودولار



المغرب في مفترق طرق : الكرامة أو البترودولار
كريم اسكلا
لحظة بلحظة تتسارع أمامنا العديد من الأحداث التي تزكي فكرة أن العالم بصدد المرور بلحظة تاريخية فارقة، فزمن ما بعد الثورة التونسية لن يكون كزمن ما قبلها بالمطلق، سواء سياسيا أو اجتماعيا أو ثقافيا، و آخر هذه الأحداث و في خطوة مفاجئة أعلن مجلس التعاون الخليجي عن البدء في دراسة انضمام كل من الأردن والمغرب إلى التحالف الخليجي.
إذا كان بالإمكان تفهم الطلب الأردني في هذا الصدد، فبالنسبة للمغرب فقد أعرب العديد من المتتبعين عن توجسهم من هذه الخطوة ليس فقط بالنظر إلى البعد الجغرافي، و إنما أيضا بالنظر إلى الاختلافات السياسية بين أنظمة الحكم في الخليج و النظام السياسي المغربي على الأقل من الناحية الشكلية و المؤسساتية. فالمغرب على علاته يبقى متقدما من الناحية الحقوقية والمؤسساتية، خاصة في فسح المجال لبعض الفرقاء السياسيين لدخول اللعبة السياسية  في حين أن جل الدول الخليجية دول أوتقراطية.  إضافة إلى الاختلافات على المستوى الثقافي بين مجتمعات خليجية جد محافظة على الأقل حسب ما هو معلن، و مجتمع مغربي يؤمن بقدسية الاختلاف وسمو المواثيق الدولية. و على المستوى السسوسيواقتصادي بين مجتمعات تعيش على البترول، ومجتمع أغلبيته كادحة تقاوم بالسواعد لتوفير الحد الأدنى لشروط العيش.
لكن في المقابل هناك من يرى أن انضمام المغرب إلى مجلس دول التعاون سيمكن تلك الدول من الاستفادة من تجربته في تدبير الاختلافات و الصراعات السياسية، و كذا الحكامة الأمنية في التعامل مع الاحتجاجات الشعبية و الإرهاب، باعتبار أن شمس الخليج ربما ستشرق من المغرب. لكن للمرء أن يخشى من أن تطفئ براميل البترول الخليجي فتيل شمعة التغيير المغربي.
نتساءل في سياق الحراك الدولي الحالي و في سياق الحراك المغربي الداخلي، ماذا سيستفيد المغرب بانضمامه إلى نادي الملكيات ؟ و ماذا ستستفيد دول الخليج من انضمام المغرب إليها خاصة في هذا الوقت بالذات ؟ لمن ستكون الغلبة هل للمقاربة الأمنية كما نهجتها دول الخليج في تعاملها مع الحالة البحرينية أم لمقاربة المنح و العطايا كما فعل النظام السعودي بمنح جملة من الهبات للمواطنين أم للمقاربة المغربية القائمة على فتح هامش للتشارك في السلطة ؟
ما نعرفه عن العلاقة بين المغرب و دول الخليج هو مجموعة من فضائح أمراء البترودولار الذين يجدون بالمغرب فسحة لتفريغ مكبوتاتهم الجنسية ... والمفاخرة بتبدير الأموال في المراقص و الكازينوهات ... بعيدا عن رقابة لجان الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر الموجود في بلادهم.
ما نعرفه أيضا، هو نظرة الخليجين التحقيرية 'البعض على الأقل' للعمال  المغاربيين بصفة خاصة. و المعاملة السيئة للخادمات، و كذا شبكات اصطياد الفتيات و تجارة الرقيق الأبيض ...
ما نعرف أيضا، هو الحملات الإعلامية لنشر الفكر الوهابي لضرب الفكر الصوفي ومضايقة الفكر التقدمي...
ما نعرفه أيضا أن تلك الدول العائمة على بحار البترول لم تكلف نفسها عناء التفكير في امتصاص بطالة شباب شمال إفريقيا و فضلت العمالة الأسيوية، و لم تكلف نفسها عناء التفكير في محاولة سد حاجيات الدول المغاربية غير النفطية من الطاقة في إطار التكامل و التضامن الاقتصادي ...
للفرد أن يتوجس من هذه المبادرة ذات الخلفية السياسية أكثر منها اقتصادية، فقد تكون هذه الخطوة مجرد محاولة لكبح  الخط التصاعدي لمسار الإصلاحات المعلن عنها في المغرب، لتفادي نجاحها بالتالي انتقال عدواها إلى دول ملكية أخرى. فنجاح تجربة المغرب في الانتقال السلمي من ملكية مطلقة إلى ملكية برلمانية... سيشكل محفزا للشعوب الخليجية للمطالبة بتعديلات سياسية مماثلة.
بعد تصاعد صوت حركة 20 فبراير و مطالب التغيير بالمغرب و بعد خطاب 9 مارس، بادرت مجموعة من الدول و الهيئات إلى مدح تجاوب السلطة مع المطالب الاجتماعية للشعب. و من هذه المؤسسات نجد البنك الدولي و زيارة مديره العام للمغرب، و كذا المبادرة الأخيرة لدول الخليج، لنتساءل ألن يؤدي مجلس التعاون الخليجي و البنك الدولي الآن نفس ذلك الدور الذي قامت به الحماية الفرنسية حين تدخلت فرنسا في المغرب لحماية النظام السياسي وحماية مصالحها ؟ فالحل الذي تقدمه هاتين الجهتين لا يمكن أن يكون سوى إغراق المغرب بالديون واقتصاد الريع المبني على البترودولار لإسكات حناجر الكادحين و الفقراء.
لا نعتقد أن هؤلاء الذين يخرجون للاحتجاج للمطالبة بإسقاط  رموز الفساد والاستبداد، سيقبلون ببرميل بترول خليجي مقابل مصادرة حريتهم و كرامتهم. كما لا أعتقد أن المغاربة الذين يناضلون منذ زمن من أجل دولة مدنية حداثية سيقبلون بالارتماء تحت وصاية فكر ديني محنط مقابل نعيم اقتصادي موعود.
الواضح أن بعض الأنظمة لم تفهم بعد أن مطالب الشعوب الثائرة في تونس و مصر مثلا أو تلك التي تخرج في دول أخرى الآن ليس الزيادة في الأجور أو بعض المنح و الهبات ... بل مطلبها الأساس هو الحرية و الكرامة... و حين تطالب بتحقيق العدالة الاجتماعية  فليس عن طريق ديون البنك الدولي أو براميل بترول دول الخليج وإنما عن طريق إعادة التوزيع العادل للثروات.
كريم اسكلا

انتفاضات: و تحققت نبوءة المهدي المنجرة


انتفاضات : و تحققت نبوءة المهدي المنجرة

كريم اسكلا
19/05/2011
k.isskela@gmail.com 


منذ نحو 20 سنة تنبأ عالم المستقبليات المغربي المهدي المنجرة بثورة الشعوب من أجل كرامتها و حريتها، ففي خضم تحليله للسيناريوهات المحتملة في مجتمعات العالم الثالث، يرى أن هناك ثلاثة احتمالات :

1) مشهد الاستقرار

2) مشهد الإصلاح

3) مشهد التغيير

و حسب توقعاته فإن وقوع المشهدين الأولين أصبح غير ممكن بالنظر إلى درجة التردي التي وصلت إليها الأنظمة العربية و الإسلامية، و السؤال الذي يطرحه هو كيف ستتم عملية التغيير بأقل الخسائر و الضحايا.(كتاب انتفاضات في زمن الذلقراطية ص49)  و من منطلق أن استمرار نمط الاستقرار مستحيل عمليا و مناقض للقوانين الطبيعية و الكونية ف "الاستقرار في البيولوجيا هو الموت. فالدول تتغير و تتحرك، و لكن الانتفاضة بداية نهاية لنسق بأكمله ..." نفس المرجع ص130

سنة 2000 أصدر ذ.المهدي المنجرة كتابا بعنوان " انتفاضات في زمن الذلقراطية " أشار فيه إلى أن الانتفاضة الفلسطينية الثانية مجرد حلقة أولى في سلسلة من الانتفاضات القادمة التي ستعم كل المجتمعات العالم ثالثية، ضد الظلم و الإهانة. حيث يقول : "من أين أتت انتفاضة الحجارة ؟ لم تأت قطعا من الوزارات و لا من القصور و لا من المكاتب الرسمية و لا من الحكومات و لا من النخب. إنها أتت ضدها جميعا، ضد الأنظمة و الحكومات العربية التي انفصلت انفصالا تاما عن هموم الجماهير و الشعوب." ( نفس المرجع ص137 ) فالانتفاضات بهذا المعنى ستكون شعبية صرفة بعيدة عن التأطير التقليدي و عن الأحزاب و النخب ... "فالانتفاضة الأولى كانت هي الجهاد الأصغر. و هذه الانتفاضة ستأتي منها انتفاضات بنفس الروح لمحاربة انعدام العدل الاجتماعي و الظلم و الفقر... و سنرى تدريجيا انتفاضات أخرى في بقية العالم العربي و الإسلامي... " ص 148

بالنسبة للمهدي المنجرة ستكون تلك الانتفاضات من أجل الكرامة و الحرية تستهدف التغيير الشمولي و الجدري، من هنا فالانتفاضات القادمة لن تكون ردة فعل بقدر ما ستتحول إلى فعل يتغيأ التغيير و ينشد الديمقراطية. حيث يؤكد على أن " التغيير شيء شمولي فانه لا يأتي بصيغة متجزئة، قد تكون الجزئية في التطبيق، لكنه منظومي مرتبط بعناصر عدة، أي التغيير ككل... فعين السلطة هي الشعب، و بما أن الشعب عين السلطة، آمنت دوما بضرورة وجود مجلس تأسيسي و أن يحرر الدستور من قبل جماعة كفأة هاجسها الشعب. دون هذا الأساس لن نملك أية مصداقية، و سنحيى شرعية مشوبة بالعيوب..."(نفس المرجع ص 216 )

و يؤكد ذ.المنجرة على أنه "لا يمكن للخطأ أن يطال الانتفاضة ( فبالأحرى الانتفاضات ) من أمامها أو من خلفها. فهي لم تأت من فراغ و لا من عدم، لم تأت من انقلاب و لا من تآمر. هي أتت من صيرورة تاريخية لا آنية فيها و لا ارتجال. هي أتت من اختمار ماض مر و مترد، من حاضر ملؤه اليأس و من أمل في المستقبل يتغيأ البديل الجذري لا الترقيع المجحف أو الحلول الوسطية المهادنة." 8

نود أن نذكر القارئ أن هذه الأفكار وردت في كتابات و محاضرات ذ.المنجرة منذ عشرات السنوات ، وتبلورت بشكل مباشر في كتابه "انتفاضات" – سنة 2000 فعلى ظهر الكتاب سطر المفكر ذ.المنجرة خلاصة تصوره لمستقبل مجتمعات العالم الثالث بقوله: " الذلقراطية عنصر تركيبة خماسية تضم الجهقراطية و الفقرقراطية و و المخزنقراطية ( بالنسبة لحالتنا بالمغرب ) هي التي أفرزت مجتمعة التخلفقراطية و انتفاضة أطفال فلسطين، و ستفرز شبيهات لها بكل الدول العربية التي جعلت من الخماسية إياها منظومة فكرها و نظام حكم لشعوبها."

كريم اسكلا

http://isskela.blogspot.com/



الثورة المضادة تضرب في مراكش

امكانيات الثورة و الثورة المضادة بالمغرب
هل هناك علاقة  بين تفجيرات 16 ماي وتفجير اليوم بمراكش، وتفجير كنيسة القديسين في مصر حينما حاول النظام اثارت النزعة بين الطوائف الدينية، وقبلها تفجير الأوضاع بجنوب غرب تونس حينما ادعى  نظلم بن علي أن التطرف القاعدي آت إلى البلاد ؟
جاء العمل الاجرامي الذي هز مدينة مراكش يوم 28 أبريل 2011 في سياق ما يعرف المغرب من حراك سياسي وانتفاضة شعبية من أجل الإصلاح والتغيير ومحاربة الفساد لتبرز بقوة فرضية أن جهات خفية تريد إجهاض نضالات الشباب والشعب المغربي. هل ضربت الثورة المضادة و جيوب مقاومة التغيير بهذا الشكل الدموي ؟ ماذا لو تبث تورط رجال من أجهزة الدولة ؟

تساؤلات على عجل و للنقاش بقية
للمشاركة في الحوار عبر صفحة AGORA المرجو المراسلة عبر البريد الالكتروني k.isskela@gmail.com 


* موضوع منقول عن هسبريس 
http://www.hespress.com/?browser=view&EgyxpID=30987

هذه خلفيات تفجير مطعم أركانة في مراكش  - سليمان بنعمرو

هذه خلفيات تفجير مطعم أركانة في مراكش - Hespress
سليمان بنعمرو


سليمان بنعمرو

كشرت الثورة المضادة في المغرب عن أنيابها وقررت الإعلان عن نفسها بدموية وحشية على جثث 14 قتيلا بمطعم أركانة وسط أبرز موقع سياحي مغربي يحظى بشهرة عالمية.
وبما أن الغباء ملة واحدة، فقد قرب أصحاب الثورة المضادة حبل المشنقة من رقابهم، ولم يستفيدوا من دروس تونس ومصر، ويبدو أن دموية القذافي وبشار الأسد وعلي عبد الله طالح وليس صالح، جعلتهم يعتقدون أن الفرصة ربما تكون مواتية أمامهم لتوجيه الرسائل إلى من يهمه الأمر، وهو في هذه الحالة أعلى سلطة في البلاد.
ما جرى في مراكش لا يمكن أن يخرج عن هذا الإطار، مثلما أنه لا يمكن أن يخرج عما وقع في المغرب قبيل سنوات مضت.
لنعد بجذور الملف إلى الوراء... ففي اليوم الذي جرت فيه تفجيرات ماي 2003 مخلفة 45 قتيلا، كانت التهمة جاهزة وألبست للإسلاميين من شتى الأنواع، لأن العصر كان عصر جورج بوش الأحمق، والموضة كانت هي الحرب ضد الإرهاب، والمغرب لا يمكن له أن يخرج عن السياق.
من نفذوا 16 ماي كانوا محتاجين لإجراء قوي يضربون به عصافير كثيرة، منها إظهار صك الطاعة أمام القيادة الأمريكية المجرمة ممثلة في بوش وأعوانه، ومنها شن حملات اعتقال وقتل في صفوف التيارات الإسلامية، ومنها توفير الحافز لصنع خارطة سياسية جديدة يكون فيها للمخزن والحرس القديم سلطته الدموية المهيمنة، عبر تقليم أظافر العدالة والتنمية الذي اتهم بالمسؤولية المعنوية عن الأحداث. وكذلك تخويف الشعب من كل شيء فيسمح لهم باتخاذ كل ما يرونه من إجراءات.
الكل انبرى يخدم هذه الغاية، وانطلقت عناصر الحرس القديم ومعهم كلاب الدعاية في السياسة والإعلام وداخل الأحزاب يشتمون ويلعنون، فخلت لهم الساحة لبعض الوقت فعاثوا فسادا في البلاد، حيث انتهت الخطة بالإعلان عن حزب سياسي يخدم هذا المنهج، ويكرس نمطية الفعل السياسي الذي قام به التجمع الدستوري في تونس والحزب الوطني في مصر.
بطبيعة الحال لا يمكن للرؤوس المدبرة أن تتصدر المشهد، فكان لا بد من البحث عن ديكورات سياسية يسارية وإسلامية ووسطية ومصلحية وانتهازية وغبية، لتأثيث المشهد، فانطلق الحزب المعلوم بثلاثة أعضاء ليصبح القوة السياسية الأولى في البلاد خلال أقل من سنتين.
كل شيء كان يسير حسب الخطة، غير أن ما جرى في تونس ومصر خلط الأوراق، وتوقف تقدم الحزب المعلوم، وبدأت الأصوات تتعالى من هنا وهناك تطالب بإعادة فتح الدفاتر، فالشعوب لا تنسى.
وانبرت حركة الشباب الطيب 20 فبراير من رماد الجهل والتخلف والخوف، وأعلن الشباب عن تحركات داخل الشارع المغربي، انضمت إليها فئات الشعب المغربي كله برغم الخلافات الإيديولوجية والسياسية بين الأطراف المختلفة.
فتوحد المصالح ساعد على توحيد الجهود، وهذا هو المطلوب في هذه المرحلة، وقد بدا واضحا أن حلم وحدة الأهداف يسير نحو التحقق، وانطلق الجميع يطالب بـ : محاسبة رموز الفساد السياسي والاقتصادي والأمني، وتحقيق العدالة وإصلاحها أعطابها، وإحداث إصلاحات جذرية تحقق الديمقراطية للبلاد.
اعتقد أصحاب ملفات الفساد الأمني والسياسي والاقتصادي أن الشباب سيدخل في صراع مع الملكية، فيحققوا الاستفادة المزدوجة من ذلك، لدرجة أنهم ساعدوا على تحقق هذا الصراع. لكن وعي الشباب المغربي فوت عليهم الفرصة، فطالب الجميع بالإصلاح لكن بتفاعل إيجابي مع الملكية.
هنا ضاق ذرع هؤلاء، وعلموا أن رؤوسهم التي أينعت سيحين قطفها قريبا، فلاذوا إلى سياستهم القديمة الهروب إلى الأمام، عبر ثلاث واجهات:
الواجهة الأولى تجسدت في محاولة إحداث قلاقل أمنية عبر التورط في قتل مواطنين كما حدث في مقهى طنجة، وغرض الطرف عن عتاة المجرمين كما حدث في فاس وسلا، ومدن أخرى.
أما الواجهة الثانية فكانت الواجهة الإعلامية، حيث عادت إلى صفحات بعض الصحف المشبوهة نبرة التخويف من الإسلاميين ومن التطرف ومن التهديدات الأمنية التي تواجه البلاد، كما عادت حملات التضييق على الصحافيين، والتي كان آخرها منع رشيد نيني من السفر، والتهديد بملاحقته قضائيا، وفي هذا الأوضاع قد يصل الأمر إلى ما هو أكبر من المتابعة القضائية، والمؤكد أننا سنشهد في الأيام المقبلة تناميا لحالات التضييق على الصحافيين بشتى الأشكال.
وبقيت الواجهة الثالثة، وهي افتعال حدث بأبعاد عالمية، يشغل بال الناس، ويبعث برسالة وحيدة إلى السلطات العليا: توجيه لائحة الاتهام إلينا لن يكون سهلا، ونحن قادرون على العبث بأمن البلاد وضرب أسس اقتصادها ومنها السياحة إذا ما خولت لكم أنفسكم تحميلنا مسؤولية ملفات كل ما جرى.
خاصة وقد قرأنا خلال الأيام الماضية على صفحات المساء تحديدا، اتهاما مباشرا لعناصر الديستي بفبركة الملفات ومعها عناصر المخابرات المتورطة هي الأخرى بدرجات متفاوتة.
ضمن هذا الإطار نفهم لماذا حدث تفجير مراكش، وقتل أنفس بريئة كل ذنبها أنها تعمل لكسب قوت يومها وإعالة أسر بكاملها في ذلك المطعم، أو جاءت للتمتع بجمال المدينة وشمسها المشرقة دائما.
الأغبياء في مصر بدؤوا نفس السيناريو حينما فجروا كنيسة القديسين حينما تأكدوا أن الحملات ضد توريث جمال مبارك ستشتد، وبعدما تأكد لهم أن فئات واسعة من المسيحيين والمسلمين متوحدة حول نفس الهدف، فلعبوا لعبة الطائفية وقتلوا العشرات في التفجير الشنيع.
الآن بعد الثورة المباركة اتضح أن المجرم حبيب العادلي وأعوانه بمباركة من جمال مبارك وأبيه هم من كانوا وراء التفجير.
ولا داعي لشرح الرابط الواضح بين تفجيرات 16 ماي وتفجير اليوم بمراكش، وتفجير كنيسة القديسين في مصر، وقبلها تفجير الأوضاع بجنوب غرب تونس حينما ادعى زين الهاربين بن علي العام الماضي أن التطرف القاعدي آت إلى البلاد، بعدما افتعل اشتباكات مسلحة بين الأمن ومتطرفين ظهر أنه ملف مصنوع من ألفه إلى يائه على يد مخابراته الغبية.
الآن المبادرة بيد الشعب المغربي وملكه، لحسم الموضوع واتخاذ القرارات اللازمة قبل فوات الأوان، لأن أصحاب الثورة المضادة لن يسكتوا ولن يسمحوا باعتقالهم ومحاسبتهم على كل ما فعلوه من جرائم بسهولة... ففي زمن الثورات، إما أن تكون أو لا تكون.
والشعب سهل المأمورية على الملك حينما رفع أسماء المشتبه بهم طيلة الشهور الماضية على أسماع العالم. 


جديد: مقالاتي في كتاب الكتروني للتصفح - اضغط وسط الاطار -

الهوامش المنسية في كتاب ورقي

الهوامش المنسية في كتاب ورقي

 
-