مدونة الهوامش المنسية : رصد و حوارات و تساؤلات...من أجل تكريس الحرية و الكرامة و ثقافة الاختلاف لقد تم تغيير اسم المدونة ليصبح " الهوامش المنسية " و سيتم تخصيص صفحة للابداع الشعري تحت اسم " هوس الكلمات ".... كما تمت اضافة مقالات جديدة في ساحة الحوار ...... ..... حركة 20 فبراير : دعوة متجددة للاحتجاج الاجتماعي السلمي ..... ممتن و شاكر لزيارتكم .... للتفاعل و التواصل k.isskela@gmail.com

- Agora - ساحة الحوار -

- AGORA -
   ساحة الحوار  و النقاش
خصصت هذه الصفحة لطرح مواضيع فكرية و ثقافية للنقاش 





رغم كل الاحتياطات واليقظة تم توظيف الدين في الحملة الانتخابية، لائحة العدالة والتنمية بطنجة وظفت مسجدا في بداية الحملة، الأمر نفسه لجأ إليه وكيل لائحة الحزب بمدينة مراكش، وظهرت في ملصق للحزب الإسلامي، فيما لجأ مرشح من حزب التقدم والاشتراكية، الحزب الشيوعي المغربي سابقا، بالشمال إلى اعتبار رمز الحزب "الكتاب" قرآنا، ودعا المرشحين إلى التصويت على كتاب الله. 
 
وعلمت "كود" من مصدر مطلع بعمالة ابن جرير ان الساعات الاخيرة من الحملة الانتخابية عرفت توقيف امام مسجد بأحد الاحياء وهو يوزع مطبوعات لمرشح حزب التقدم و الاشتراكية محمد الباكوري و قد تم توقيفه من طرف أعوان السلطة و مراسلة وزارة الاوقاف و الشؤون الاسلامية بواسطة مندوبها بابن جرير للبث في الموضوع.
 
فيما ذهب شخص يدافع عن حزب "العدالة والتنمية" إلى أن جزاء من صوت على حزبه "أجران" فيما جزاء من صوت على حزب آخر "أجر واحد".

موضوع جديد : الوعي السياسي لدى الشباب 
للسيد : يوسف قيبي


" الحياة ليست ثابتة ، وأولئك الذين لا يستطيعون تغيير عقولهم هم سكان المقابر والمجانين والموتى"   - ايفرت داير كسين

علمتني الحياة أن فكر الإنسان ما لم يبنى على أسس علمية منطقية و إلى حد ما فلسفية فقد تمحيها الأيام و تغيرها ففكر الإنسان قابل للتغير فهو ليس مطلقا أو وحيا منزلا .... و شخصيا قد عشت تجربة مماثلة أو فلنقل قد غيرت طريقة تفكيري فبعدما كنت من من يهتمون بالأكل والشرب و النوم ... غدوت اليوم أفكر بأشياء اكتر أهمية وأصبح لحياتي معنى و خرجت عن طريقة العيش القديمة التي تشبه إلى حد ما طريقة عيش الحيوانات دون هم ولا هدف .... 

لنعد إلى عنوان المقال " الوعي السياسي " قبل كل شيء يجب وضع النقاط على الحروف كما يقال وذلك بتطرقنا أولا لمفهوم السياسية فهذه الأخيرة تعتبر فن تحقيق الممكن في إطار الإمكانيات المتاحة وتحت واقع موضوعي .
وادا ما تطرقنا إليها على كونها راعية شؤون الدولة الداخلية والخارجية بالإضافة إلى كونها دراسة تقسيم الموارد في المجتمع عن طرق السلطة حسب ] ديفيد ايستون [ . يجب علينا أن نضع فاعتبارنا ان المفهوم الحقيقي لادارة شؤون الدولة والوطن والمواطن هو أن الحكام هم أشخاص اختاروا أن يخدموا أهلهم وشعبهم بعكس المفهوم السائد فليست الشعوب بخدمة لحكامها ( لكن كيف يستطيع مثلا من يجلس في بهو القصور ان يخدم من هم يسكنون في منازل كالقبور؟؟ ).
اعتذر إن خرجت قليلا عن الموضوع فقلمي يرفض التوقف عن الكتابة فما إن ابدأ يأبى أن يتوقف.
كفانا حديثا عن السياسة فلكل شخص رؤيته الخاصة لمفهوم السياسة ولنعد إلى موضوعنا الوعي السياسي الذي هو الرؤية الشاملة المتضمنة لمعارف سياسية وقيم واتجاهات سياسية التي تتيح للإنسان أن يدرك أوضاع مجتمعه ومشكلاته ويحللها ويحكم عليها ويحدد موقفه منها وبالتالي تدفعه للتحرك من أجل تغييرها وتطويرها .
لنتحدت قليلا عن كيفية ووسائل بناء الوعي السياسي :
كلنا نعلم أهمية القراءة في بناء وعي وثقافة لدى الشخص ... فبقراءة الصحف و المقالات السياسية و كتب بعض الفلاسفة و العلماء المنصبة في المجال السياسي قد نتمكن من إشعال فتيل الحياة السياسية فينا وبداية بناء أفكار جديدة لدينا دون أن ننسى دور المشاركة السياسية والتي من خلالها وبشكل من الأشكال نكتسب خبرة سياسية وهناك العديد من الطرق الأخرى ...
بالإضافة إلى وسائل بناء الوعي السياسي نجد أن لهذا الأخير  محددات تلعب دورا هاما في بنائه وتوجيهه نذكر منها :

1)  نوع الثقافة السياسية ومنها ثلاثة أنواع :
a.    ثقافة المشاركة وتؤدى لتكوين اتجاهات إيجابية تجاه الموضوعات السياسية ( وعى مشارك ) .
b.   ‌  ثقافة التبعية وتؤدى لتكوين اتجاهات سلبية تجاه الموضوعات السياسية ( وعى سلبي أو تابع ) .
c.    ثقافة المحدودية وتؤدى لتكوين علاقة ضعيفة مع الموضوعات السياسية ( وعى محدود ) .
2)  وجود أحداث كبرى مثل التطورات والتغيرات الثقافية والمعارك العسكرية مما يؤدى لحدوث تغيرات ثقافية وسياسية كبرى وبالتالي تغيير في الوعي السياسي .
3)  مستوى التعليم : حيث يغلب وجود وعى سياسي لدى المتعلمين عن مقارنتهم بغير المتعلمين مع وجود استثناءات .
4)  وجود زعيم سياسي بارز في فترة معينة يؤدى لزيادة الوعي السياسي خلال تلك الفترة .
5)  القدرات والمهارات الخاصة التي يتمتع بها بعض الأفراد .

هذا ما استعطت طرحه عن الوعي السياسي انطلاقا من معلومات المتواضعة و بحتي البسيط و أفكاري الشخصية  .
لم أجد أفضل ما اختم به إلا ما قال جبران " ليس التقدم بتحسين ما كان بل بالسير نحو ما سيكون "

يوسف قيبي
ucef_kibi@hotmail.fr



بعد الاعلان الرسمي عن وثيقة مشروع الدستور الجديد ، كانت المواقف متباينة بين قبول مطلق و قبول متحفظ و رفض تام
ما موقفكم تجاه التعديلات الدستورية؟

مقال ل  ريتشارد كريمان، ترجمة عبد الصمد عياش - منقول من الحوار المتمدن -

20 فبراير وربيع المغرب مالعمل الآن؟


ريتشارد كريمان
(Richard Greeman)
مناضل أممي
ترجمة عبد الصمد عياش
لا يمكننا أن نزور المغرب دون أن تتملكنا أحاسيس الحماس والتفاؤل من زحف هذا الربيع الثوري الجميل. لقد تحمسنا لرؤية الجيل الجديد يتخلى عن انتطوائيته ويأسه ولامبالاته إلى المطالبة بالحرية والعدالة الاجتماعية، وليؤكد إيمانه بإمكانية بناء مستقبل أفضل. حراك ينخرط فيه حتى الساسة الذين نجوا من سنوات الرصاص وهم يقتبسون العبارة المشهورة في عز ثورة تونس: "لقد هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية" .

1- انطباعات عامة

أعتقد من الناحية السياسية، أن الانجاز العظيم الذي حققته حركة 20 فبراير بالمغرب، فور التحاقها بموجة ربيع الثورات العربية، يتجلى في توسيع هامش الحريات العامة، من يمكنه غير 20 فبراير أن يطور الحركة الثورية الديمقراطية وينظمها ويوجهها ضد السلطة؟ إذ يجب عليها النضال من أجل حرية التعبير بشكل متواصل وتوسيع هامشها أكثر والصراع من أجل تجاوز جدار الحدود المفروضة، فالشعب بحاجة إلى هذه المساحة السياسية و الإعلامية من أجل المطالبة بحقوقه، فلن يحققها إلا، بفضل تنامي الضغط الأتي من القاعدة الشعبية. الضامن الأساسي للمحافظة على المكتسبات والوسيلة الوحيدة للمطالبة بحريات أكبر. إن عنف القوى العمومية مؤخرا لم ينجح في ترهيب الحركة التي باتت تتقدم في تعميق قاعدتها الثورية وتوسيعها في الأحياء والقرى.
وهذا هو الاتجاه الذي يجب على الحركة أن تتبناه راهنا، باقتحام أوساط جديدة من المجتمع وخلق نوع من المقاومة الجديدة في جميع المناطق والفئات - الفلاحين الفقراء، الرحل، الأطباء ... -، إن الشعب المغربي ينتهز هذه الظرفية ليعبئ و ينظم نفسه في جمعيات المجتمع المدني، ويعبر عن مطالبه الخاصة والإقليمية والمهنية. ويناضل الناشطون في منظمات حقوق الإنسان واليسار الماركسي، دوما، منتهزين هذه الفرصة ليشتغلوا دخل الأوساط الشعبية. يطمحون إلى تعبئة المواطنين للتعبيرعن مطالبهم وتنظيم أنفسهم في شبكات نسائية وعمالية وشبابية وتنظيمات الأقليات إلخ... . هذه هي أفضل وسيلة لمتراكمة النضج الثوري في الأوساط الشعبية؟ إن هؤلاء الشباب يساهمون في تنامي نضالات الربيع الثوري العربي على أرض المغرب. لأنهم يتأصلون داخل الشعب، يعززون أيضا علاقاتهم الدولية، من أجل تقوية صفوف حركة 20 فبراير .



2- واقع الحال
أي إستراتيجية، وأي تكتيك سديد يوافق الوضعية السياسية المغربية في السياق الدولي؟ على المستوى الوطني، تصارع الحركة الديمقراطية عدوا ماكرا، خلافا للنظام التونسي، والمصري، مازال يستخدم الشرعية التاريخية. كيف يمكننا مواجهة التحدي الذي يطرحه خطاب 9 مارس والذي عبر عن تنازلات ذكية لصالح مجموعة من الفاعلين عن طرق إصلاح فوقي يهدف إلى سحب البساط من تحث أقدام حركة 20 في فبراير؟ فأي تكتيك سياسي فعال يجيب عن ذلك؟
انتهى المناضلون إلى تدبير نواقص تكتيكات المسيرات الوطنية الكبرى التي خاضتها الحركة أولا، والتي تتجه بشكل متزايد إلى الانتشار وترسيخ مبادئها الثورية في مناطق جغرافية و اجتماعية جديدة. إننا نخاطر أيضا في الوقوع في فخ أسلوب "النتيجة" (أي تعداد تزايد عدد المتظاهرين، وكأن الثورة تعتبر مقابلة في كرة القدم)، في المقابل، إن المظاهرات، بالرغم من التهديدات الحكومية، تتخصب بتنوع الشعارات والمطالب التي رفعتها "المكونات" الجديدة للحركة. ولكن هذا المزيج من الشعارات والمطالب لا يعتبر برنامجا سياسيا، ولأجل تطوير أساليب النضال، يجب على المغاربة امتلاك بديل جدري و شعيبي للإصلاح (الجد محدود) الذي تقترحه السلطة رغبة منها في تفادي زحف الربيع العربي بأقل تكلفة.
بخصوص الرهان الدستوري، فهم شباب حركة 20 فبراير أن عملية تعديل الدستور - لجنة مختارة من قبل الحكم للتشاور سريا في المسألة الدستورية واقتراح دستور جاهز للاستفتاء دون إحداث أدنى تنقيحات عملية- تغيب أية إمكانية للمشاركة الشعبية الديمقراطية في اختيار الدستور، ولذا فإن لها كامل الحق في أن تنسحب من هذه المهزلة "الدستورية"، وترفض -لخطورة تهميشها- المشاركة في إضفاء الشرعية على الدستور. أما بالنسبة "للنقاش" الذي طرح حول الاستفتاء قبل أسبوعين، سجلنا أن المناصرين ل "نعم" (الأحزاب السياسية الموالية لنظام الحكم الملكي) سيكون لهم الاحتكار الفعلي لوسائل الإعلام الرسمية. بالتالي فإن المناضلين الديمقراطيين لهم الحق في المطالبة بالتكافؤ عملية التعبئة بين نعم و لا (التساوي الذي لا يمكن للسلطة أن تضمنه أبدا).


3- الاستفتاء سلاح السلطة

ما هي الإجابات الصحيحة التي يمكن تقديمها لتحدي لغم الاستفتاء؟ إنه حسب مؤرخو الثورات كان الاستفتاء- من نابليون الثالث لشارل ديغول- دائما سلاح السلطة ضد الديمقراطية، واليوم أيضا، في ديكتاتوريات الحزب الواحد (أو على غرار ذلك) من روسيا إلى سوريا، جميع الانتخابات المتعلقة بالاستفتاء تبرمج لتقوية وإضفاء الشرعية على الحكم، إذ يعاد إنتاج نفس الواقع حتى داخل الأنظمة الانتخابية النزيهة،عموما يكون متوقعا أن المولين ل "نعم" سيحسمون الفوز، لأن السلطة هي التي ساهمت في الدعاية وأعدت كل ايجابيات المبادرة، ولها القدرة على اختيار يوم الاقتراع وطرح الإشكال بشكل يفرق ويقزم الخصوم إلى صور كاريكاتورية .
.
فما هي الأساليب التي يمكن من خلالها تفادي فخ الثورة المضادة؟ في مسلسل الصراع من أجل حسم الرأي العام، أحسن وسيلة للدفاع هو استعادة زمام المبادرة وطرح بديل ايجابي ينخرط فيه المواطنون. من خلال تنظيم، على سبيل المثال، "المشاورة الشعبية الدستورية من تحت" باعتبارها عملية ديمقراطية يمكن للجماهير من خلالها تقديم شكاويهم، وصياغة مطالبهم واقتراح الحلول عبر جمعياتهم، أحيائهم وقراهم. وقد يعقب هذا "التشاور الشعبي" تشكيل "جمعية وطنية تأسيسية" شفافة ودعائية، يتم من خلالها وضع "دستور شعبي بديل" على مكاتب الحكومة.

4- المشهد الفرجوي الديمقراطي انطلاقا من القاعدة الشعبية

هذا النوع من "المسرح السياسي" يعتبر تكتيكا ثوريا دسما، يمكنه إعاقة عمل السلطة دون إثارة حفيظتها لاستعمال القوة اتجاه الحركة، فإذ منعت هذه "العملية التشاورية البديلة من تحت"، ستفقد مصداقيتها، وتصبح الجماهير غير مستعدة للتصفيق على هذه الألعوبة السياسية، المصاغة من فوق التي اقترحها المعادون للديمقراطية، في المقابل إذا نجحنا في تنظيم هذا الحدث دون تدخل السلطة، سنستغل أسبوعين من النقاش لإنجاح مشهدنا الفرجوي للديمقراطية من تحت.
ونطرح هنا أحد السيناريوهات الممكنة: بداية يجب اقتراح مشروع الجمعية التأسيسية في كافة الجهات لبلورة تصور أرضية للمطالب و الإشكالات المختلفة، هذه الفكرة، المستوحاة من "دفتر الشكاوي للثورة الفرنسية"، كانت منتشرة في الأحياء والقرى سابقا، يتم فيها استدعاء الجماهير الشعبية للتعبير عن مشكلاتهم ومطالبهم، اعتبارا الى أن المواطنين أكثر دراية بمشاكلهم، بالرغم من ضعف التعليم وغياب التثيقف المدرسي، من هنا فالمسؤولية الملقاة على الطلبة و المثقفين، تتمثل في الانفتاح على هذه الشريحة للاستماع لها و مساعدتها على التعبير وربطها بوسائل الإعلام التي يتقنونها (من الأحسن البدء بالكتابة)، و يجب أ تنشر كل نتائج الجموعات العامة على الانترنيت (تقارير/شريط...)

يمكن لهذه المجالس إرسال منتدبين للجموعات الجهوية، أو الإقليمية أو ربما الوطنية إذا استدعت الضرورة، بهدف تجميع كل المطالب ضمن برنامج شعبي. إن تنظيم شبكة لهذه الجموعات من لخلق جمعية تأسيسية، سيكون في حد ذاته خطوة كبيرة إلى الأمام. في مرحلة النقاش، يمكن لجميع الفاعلين الالتقاء في العاصمة واقتراح دستور شعبي بديل. وحتى لو كنا نستثنى من الناقشات التي تطرحها الأحزاب السياسية المختلفة في وسائل الإعلام الرسمية، فإن قناة الجزيرة والأخبار لا يمكنها تجاهل الحدث وسنستمر في الانتصار في معركة وسائل الإعلام. وإذ استقطب هذا البديل التشاوري تغطية إعلامية، فسيتوافد المواطنون إلى مشهدنا الفرجوي بأعداد كبيرة، و تصبح أكثر تمثيلا.
إن عملية إعداد "الجمعية التأسيسية من تحت" هو في نفس الوقت إنشاء شبكات شعبية مستقلة عن الأحزاب السياسية والنقابات العمالية المرتبطة بالسلطة حاليا. إذا كانت اللجان الشعبية تشتغل بشكل دائم، فإنها فيما ستأخذ شكلا تشاوريا يستطيع توحيد "المعارضة وتعزيز النضال المتواصل.

5- تكتيك المقاطعة الإيجابية

في التكتيك الذي يعقب يوم الاستفتاء المنظم من طرف السلطة، نقترح استطلاعا حول موقف مقاطعة الاستفتاء عبر مشاروة تنشر في الانترنيت. استشارة تحترم كل المقومات الديمقراطية يمكن للمواطنين من خلالها الاختيار بكل حرية بين الدستورين (الشعبي والممنوح). بالنسبة للاقتراع، أعتقد أنه لن يكون مجديا بل ضارا، الوقوع في الفخ الذي نصبته السلطة، من خلال التعبير عن موقفنا التصويت ب"لا" التي لا محالة ستزرع الشقاق في صفوفنا. بضع ألاف من الرافضين (لا) ستبين ضعف حركتنا، عوض أن تظهر قوة المعارضة. الى جانب ذلك، لماذا سنقول هذه "اللاء" الغير مؤدبة لبعض الإصلاحات القليلة التي تقترحها السلطة، في حين يوافق عليها المواطنون البسطاء "الطيبون". إن مقاطعة التصويت يعتبر السلاح التقليدي للجماهير الخاضعة للنظام الاستفتائي، لأنه حتى في الأنظمة الدكتاتورية، إذا لم يتمكن الحزب الحاكم من جمع أكثر من 50 ٪ من الأصوات، فإن النظام يفقد شرعيته.

في المغرب، تطرح المشاركة المنخفضة نسبيا في الاستفتاء خطرا حقيقيا للسلطة. إذا كان الكثير من المغاربة يرغبون في مقاطعة صناديق الاقتراع يوم الاستفتاء، سوف يتموقع نشاطنا الديمقراطي في الواجهة، وسنحسم معركة الرأي العام من دون طرح مخاطر الفشل. سننظم تظاهرة على شكل مشهد فرجوي سياسي (بالمعنى الحرفي)، وفي جميع الأحوال تعتبر الحركة ناجحة حتى لو فشلت - لأنه لا أحد يتوقع، بطبيعة الحال، أن تنجح الجمعية التأسيسية البديلة في الواقع- لكن بالقابل ستصبح شبكات اللجان الشعبية، التي أنشئت في عملية التشاور على الدستور الصادر، بمثابة الهيكل التنظيمي والبرنامجي للنضالات المستقبلية.




6- المهام الأساسية للمرأة
سأسمح لنفسي هنا أن أطرح نقطة أساسية، في جدولة مسار ثوري حاولت أن أحدد فيه الهدف من الجمعية التأسيسية الممثل الحقيقي للشعب المغربي: ما يتعلق بالدور المحوري الذي تلعبه المرأة المغربية. فهذه الجمعية التأسيسية لن تبلغ أهدفها دون انخراط المرأة (على حد تعبير الرفيق لينين). إن حركة نسائية كبيرة مستقلة مكونة من جميع الفئات تصبح قوة ديمقراطية لا تهزم. فالمرأة تشكل الغالبية العظمى من المواطنين، والعمال ( بشكل عام غير المأجورة) لدى وجب على المرأة المغربية الانخراط بشكل كبير في هذه الجمعية الديمقراطية (وصلت إلى ما لا يقل عن ثلث المقاعد سنة 1789 )

بدأ هذا التنظيم الذاتي بالفعل لدى النساء (بينهم فقط) في القرى والأحياء الحضرية التي تجمع "دفاتر تظلماتهم" لكن هذه الحلقة من النساء اللاتي يجتمعن حول بعض المطالب يصعب عبرها تشكل خلايا حركة نسائية قوية (مثقفات، عاملات)، قادرة على صياغة مطالب خاصة بهن، والتعبئة للدفاع عنهم؟ من هذه الزاوية يتحدد الدور الثوري للمرأة المتعلمة التي تتوفر حركتنا على الكثير منهن، واللاتي يمكنهن الاشتغال بشكل فردي أو جماعي مع هذه الفئة من الشعب، (مثل ما قامت به الطالبات الروسيات سنة 1870) لمساعدتهن للتحكم في وسائل الإعلام وضمان التواصل بينهن.

إن انطباعات شخص غريب عن هذا الوسط تكون سطحية ضرورة، ولكن يبدو لي أنه في ظل الظروف الحالية للمجتمع ينبغي أن تظل هذه الخلايا حكرا على النساء فقط، قائمة على احترام عادات وتقاليد المجتكع الاسلامي. إذا كنا نتوخى مشاركة واسعة من النساء، وعلاوة على ذلك، فإن التأثير الذي تمارسه الرجعية الإسلامية -القائمة على اضطهاد المرأة- سوف يتم اختزالها تدريجيا من خلال قوة استقلالية وإنضاج الوعي التقدمي لدى النساء، في المقابل، إن الإسلام الروحي والديمقراطي- دين التضامن والسلام والتسامح – سوف يحقيق الذات للمرأة المغربية.
هل السلفية تنتهي خلال طرح نظرية المساواة؟ سوف يكون من الخطأ أن تحارب السلفية في الميدان الإيديولوجي، لأنها تمنح أهمية كبيرة لمذاهب سخيفة. يجب مقارعة السلفيين في نقط ضعفهم، خاصة المستوى الجنسي(النوع)، والدخول إلى معتركهم بتقديم بديل روحي واجتماعي لنسائهم.


خلال النقاش الذي جمعني مع الماركسيين المغاربة، أدركت أنهم تجاوزو المراحل التي كان فيها "اليسار-الذكوري- يطرح "قضايا المرأة" على مستوى الصراع الطبقي بوصفه مسألة تحل بعد الثورة. يعتقدون أن المرأة لعبت دورا حاسما في كل الثورات الكبرى من سنة 1789 (مسيرة إلى قصر فرساي نتج عنها سجن ملك وملكة فرنسا) إلى الثورة الروسية 1917، ( بدأت في 8 مارس، اليوم الأميمي للمرأة، وقادت إلى إضراب عام من طرف النساء اللواتي عرضن على الرجال للانضمام إليهن)، واليوم، في ساحة طاهر في اليمن، تم تسجيل مشاركة كبيرة فاعلة للنساء. وفي المغرب هناك حركة كبيرة مستقلة من النساء المغربيات متحالفات مع الطبقة العاملة ستغدو قوة هائلة. لا يمكننا أن نفكر في نجاح ثورة اجتماعية حقيقية دون انخراط هذه القوة البشرية.


7- إطلالة تاريخية

من خلال التفكير في سيناريو الجموعات الشعبية، استلهمت، بطبيعة الحال، بعض الأفكار من دروس الثورة الفرنسية العظيمة، بالإضافة إلى واقعتين من تاريخ الثورة الأمريكية يعتبران أقل شهرة:حدثت الأولى في القرن الثامن عشر و الثانية في القرن العشرين، كنت في سن الثلاثين سنة 1970 عندما نظم ما يسمى ب "الفهود السود" "الاتفاقية الدستورية الشعبية الثورية" في فيلادلفيا (مهد دستور الولايات المتحدة في القرن 18)، على الرغم من القمع الشديد الذي تمت به مواجهة ذلك من طرف الشرطة، إلا أنه شارك أكثر من 10 ألاف شخص منحدرين من جميع المناطق بتشكيلة واسعة من الحركات الشعبية يحملون ملفا مطلبيا كان متقدما على تلك المرحلة، خلفوا لدي تأثيرا كبيرا.

لقد صيغ دستور1787 للولايات المتحدة، بفضل حراك شعبي قوي، فاز خلاله الشعب الأميركي فوزا ثمينا بالحريات السياسية الواردة في مشروع القانون الشهير للحقوق(الإعلان عن الحقوق). كان الوضع في الولايات المتحدة سنة 1786 يشبه بشكل غريب بلد المغرب حاليا. حصلت الولايات المتحدة على الاستقلال خلال بضع سنوات، فهرع المضاربين وكبار ملاك العقاريين الى احتكار السلطة والاستيلاء على ثورة 1776، في حين كان الحرفيون والفلاحون الفقراء، وقدامى المقاومين المتطوعين الذين شاركوا في حرب الاستقلال، يعيشون في ظروف اجتماعية عصيبة، بالإضافة إلى ذلك، أراد المصرفيون جعلهم يدفعون ديون الحرب. سنه 1786، قام النقيب شايز، أحد قدماء المقاومين، بقيادة انتفاضة شايز لفرض العدالة الاجتماعية بالسلاح.
الخطير، أن "المؤسسين" للولايات المتحدة كانو يلتقون سرا في فيلادلفيا لصياغة الدستور المحافظ الذي سيعرض للاستفتاء في ثلاث عشرة دولة في الولايات المتحدة الأميركية. على الرغم من الدعاية المبالغة في الذكاء بقيادة الفدراليين" ماديسون وهاملتون"، رفض المواطنون التصويت لصالح هذا الدستور، حتى تتم الموافقة على إضافة "عشر تعديلات أساسية (ما يسمى ب Bill of Rights) الضامنة لحرية التعبير والصحافة والتظاهر، وحرمة المسكن والحق في الدفاع عن النفس والدفاع القانوني، وعلنية المحاكمة أمام هيئة محلفين، وما إلى ذلك (من الحقوق التي تواصل حكومة أوباما الحالية انتهاكها باسم مكافحة الإرهاب).


8- الأفاق الدولية
آفاق حركة 20 فبراير تعتمد إلى حد كبير على قوة الحركة الديمقراطية الثورية "القومية" العربية، الذي يعاد صياغتها بالمغرب. على غرار الثورات الديمقراطية في عموم أوروبا بين 1848 و 1989 التي عرفت انتفاضات ضد الشمولية في أوروبا الشرقية، تعتبر الثورات الدول العربية سنة 2011 متشابكة ومترابطة. لكل منها طابعها الخاص ، وخصوبة إبداع تكتيكات ثورية جديدة وأشكال التنظيم ضد الضلم و الاستبداد.

في معظم الحالات، ترفض الجماهير الشعبية تكتيكات الثورة المسلحة لصالح النضال السلمي. ورأينا في اليمن وسوريا، أن بعض الجنود يرفضون إطلاق النار على المتظاهرين، ويسعون لحماية التظاهرات السلمية، بل يحمون المتمردين. تعتبر الثورات المسلحة المسلحة سلطوية وتراتبية بالضرورة، في حين تعزز تكتيكات الثورات السلمية اللاعنفية، المتمثلة في الإضرابات العامة، واحتلال الشوارع، التضامن وثقافة اتخاذ القرار الديمقراطي.

خلال الربيع العربي المليء بالإبداع، شاهدنا أن ساحة طاهر القاهرة (وغيرها) تحولت إلى مكان للمحافل و المنتديات والتجمعات الدائمة حيث يمكن للجميع أن يدلو برأيه، حيث يتم احترام المرأة، وحيث بتنظيم الشعب بشكل عفوي للحفاظ على الأمن والصحة والغذاء ( بالإضافة إلى أن الديمقراطيون العرب ل2011 قاموا عفويا بإعادة إبداع تكتيكات الثوار الروس لسنة 1905)،إذ شاهدنا سكان الأحياء يتنظمون بشكل عفوي في لجان شعبية سلمية "لليقظة" قصد مواجهة الشرطة المسخرة من طرف النظام لارتكاب جرائم ضد الديمقراطيين في مصر، إذ بدأت هذه اللجان المحلية في تنظيم أنفسها في فدراليات وشرعت في مراقبة عمل السلطة، وهذا نموذج جديد من النقابات المستقلة. أما في تونس، فقد انطلق نقاش واسع على الشكل المستقبلي للدستور، مليء بالدروس للحركات الأخرى.

إن مصير المغرب يرتبط ارتباطا وثيقا بمصير الثورات في مصر وتونس وسوريا ومناطق أخرى. لذا ينصح أن تعزز حركة 20 فبراير ومكوناتها علاقاتها بشكل وثيق مع الأشقاء في الحركات التونسية والجزائرية والمصرية، الفلسطينية والسورية واليمنية وغيرها لمعرفة المزيد عن نضالاتهم والسعي لتعزيز التضامن الدولي، ويستحسن استغلال هامش الحرية النسبي الذي يتمتع به المغرب،لاستضافة منتدى دولي في أواخر سبتمبر/أيلول في الرباط حول موضوع "الربيع العربي 2011" الذي من شأنه أن يفتح النقاش بين ممثلي الحركات الديمقراطية ووسائل الإعلام الجديدة في كل بلد في البلدان الثائرة وتنظيمهم. عندما يمر الربيع العربي بصيفه الأول ، فإن الحركة المغربية ستكون في الواجهة الدولية وسيتم تعزيز ظروفها الوطنية. وتجدر الإشارة إلى أن مركز ابن رشد للدراسات والتواصل في الرباط، بدعم من مؤسسة فيكتور سيرج، مستعدة لتنظيم هذا اللقاء.
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
*Richard Greeman, né à New York en 1939, milite au Collectif de soutien aux révolutions du monde arabe de Montpellier (France). Ancien professeur de Columbia University, participant depuis un demi-siècle aux mouvements des droits humains aux Etats-unis et ailleurs, Richard est secrétaire de la Fondation Victor Serge (Montpellier, FR) et co-fondateur du Centre Praxis (Moscou, Russie – http://www.praxiscenter.ru/) consacré à l’étude et la diffusion du socialisme anti-totalitaire. Lire ses blogues en anglais et français à http://www.zcommunications.org/zspace/rgreeman
ريتشارد كريمان، ترجمة عبد الصمد عياش



"الشماكرية"، حماة العرش العلوي


الخميس، 30 يونيو 2011 18:43 علاء الدين بنهادي . لم يكن ريمي لوفو، صاحب كتاب "الفلاح المغربي، حامي العرش"، يعلم بأنه سيأتي على النظام السياسي المغربي اليوم الذي سيضيف إلى الفلاح قائمة عريضة من حماة العرش العلوي، منهم الزعيم السياسي والمثقف والحقوقي والإعلامي والإسلامي واليساري، ثم أخيرا "الشماكري"، لحماية العرش من الديمقراطية التي انطلق حكمها النافذ على الأنظمة الجبرية والاستبدادية مع الربيع العربي المُشرق، لتزيح كابوسا كتم أنفاس الشعوب العربية لعقود، اسمه حكم الفرد والحزب والعائلة والقبيلة والجيش والطائفة.



من المؤسف جدا أن تلجأ ملكية في عُمر الدولة العلوية، 400 سنة من الحكم، إلى الدفاع عن نفسها بحثالة المجتمع وجهاله ومجرميه ودراويشه، عوض أن تحتمي بالعدل والقانون والمؤسسات والديمقراطية، أن تحتمي باختيار الشعب الذي لا راد لحكمه، الذي يريد أن يمنحها مكانة اعتبارية تخلُد بها حينا من الزمان وتقي بها نفسها من نوائب الدهر وتقلبات المصائر.



سَأل جون لاكوتير، رئيس تحرير مجلة "لوبسيرفاتور" الفرنسية، الملك الحسن الثاني، أسابيع قبل رحيله، إن كان قد رتب لولي العهد، الملك محمد السادس، فترة حكمه وسلمه مفاتيح سرية لحل معضلات المجتمع المغربي، فقال له: إذا فعلت ذلك، فلن يحتاج الشعب إليه، عليه أن يحل مشاكل المغاربة معهم بنفسه ليتعرفوا على الملك الجديد. لقد أورثه المُلك على صفيح ساخن وتركه مع جيل شاب عنيد لن يقبل بما قبل به الآباء، جيل يريد مَلِكا لا يخاف من المستقبل يضع يده في يده لبناء مغرب تكون فيه الملكية عنوانا بارزا لنظام سياسي يحترم ويتقيد بإرادة الشعب.



علاء الدين بنهادي

لقد بدأ الملك الشاب مهامه كرئيس للدولة، غداة تسلمه مقاليد الحكم، بخطاب جذاب متميز عن والده صاحب النبرة والنظرة الحادتين والقاسيتن، ولكن سرعان ما خطفته الأبصار الزائغة والأيادي الفاسدة وعزلوه ليس فقط عن المغاربة، بل عن العالم كله، لا مؤتمرات دولية ولا عربية ولا إسلامية إلا قليلا، حتى أصبح يخاف من المغاربة الذين وزعتهم الأوليجارشية الآثمة، بتعاون مع الأجهزة والتيارات المتحالفة معها من كل طيف، بين سلفي جهادي وقاعدي وإسلامي انقلابي ويساري جمهوري ومتعاون مع جهات أجنبية وخائن لوطنه ومُدبر لقلب نظام الحكم.



لقد أصبح الملك تائها وحائرا تجره الأحداث المتسارعة وفاقدا للمبادرة، رغم أنه يحاول أن يتظاهر، أو على الأقل يحاول أن يظهره الطابور الخامس كذلك، بأنه سباق للإصلاحات الدستورية والسياسية، حتى قبل أن تظهر حركة 20 فبراير التغييرية، وهو أمر غير صحيح.



لم تكن الملكية بمثل هذا الاضطراب وردة الفعل من قبل ولم تكن تلجأ إلى تجييش أصحاب السوابق والزوايا وكل سائبة ومتردية بهذا الشكل المكشوف حتى تظهر للعالم خاصة بأن الشعب المغربي يبارك دستورها. لم تكن تحتاج إلى كل هذا الجهد والخداع السينمائي القديم والمساحيق، لأن شباب المجتمع المغربي المسنود بقوى سياسية ونقابية وحقوقية وجمعوية وإعلامية وفكرية لم يوجه غضبه وانتقاده لنظام الحكم، على الأقل في البداية، وإنما كان يدعو لمحاربة ومحاكمة الفساد والمفسدين والانتقال بالملكية من تنفيذية إلى برلمانية يسود فيها الملك ويحكُم رئيس الوزراء، الذي يستمد شرعيته من الإرادة الشعبية.



لقد أضاعت المؤسسة الملكية فرصا قد لا تعوض حينما انحازت، للأسف، إلى "الشماكرية" والزوايا النائمة، حلفاء الاستعمار في الماضي في أغلبها وبؤر البدع وعبادة الفرد، والأحزاب البالية، والأخطر من ذلك أنها ربطت بذلك مصيرها بمصير كل هؤلاء الذين قالت الأغلبية الصامتة كلمتها فيهم خلال الاستحقاقات التشريعية والجماعية عامي 2007 و2009.



على الملك أن يعلم أن جل الأحزاب المنبطحة أمامه اليوم ترجو رضاه قد جردها الملك الراحل الحسن الثاني من ثيابها وحيائها ومشروعيتها، مما أوصلها إلى هذا الوضع المتردي والساقط، لن تنفعه في شيء أمام غضب الشارع وإصراره على التغيير. عليه أن يراهن على حركة الشباب لبناء مجتمع سياسي نظيف وسليم وقوي.



قال لنا رئيس الوزراء الأسبق الراحل مولاي عبد الله إبراهيم ذات مرة، في إحدى مدرجات كلية الحقوق بالرباط، منتصف تسعينيات القرن الماضي، بأنه لما كان رئيسا للحكومة ووزيرا للخارجية طلب منه السلطان الراحل محمد الخامس أن يعين أحد أعيان ووجهاء إحدى القبائل الصحراوية الكبيرة سفيرا لبلادنا في إحدى الدول، فكان جواب مولاي عبد الله، "دعني حتى أتشاور مع سي المهدي"، يقصد الراحل المهدي بن بركة.



أين مثل هذه الطينة من الزعامات والقيادات السياسية في مشهدنا اليوم وقد مُلئت الساحة بكتاب عامون لأحزاب عبارة عن مجانين يسبون ويُعيرون أبناء الشعب من شباب حركات التغيير، وآخرون انسلخوا عن ماضيهم النضالي وأنستهم المناصب والمال العام المنهوب سنوات الجمر والاغتيال والرسائل الملغومة، وآخرون أوصلهم النظام إلى مناصبهم الحزبية يردون له الجميل بحشد الصعاليك في المركبات الرياضية تأييدا للدستور الملكي الممنوح.



على ذكر الراحل مولا ي عبد إبراهيم، يجب أن نكتب بمداد من فخر أنه لما عرض عليه السلطان الراحل محمد الخامس منصب رئيس الحكومة عام 1958 اعتذر ورفض نظرا لجسامة المسؤولية وعلمه أيضا بدسائس ولي العهد حينذاك الراحل الحسن الثاني ومستشاريه، مثلما يفعل اليوم المستشار الملكي محمد معتصم الذي تجاوزه صلاحياته الاستشارية ليصبح مهندسا للوثيقة الدستورية حسب المقاسات الملكية وضابط إيقاع للأحزاب المخزنية، مما جعل الملك محمد الخامس يقول لمولاي عبد الله، حسب ما جاء في مذكرات الراحل عبد الهادي بوطالب، إن لم تقبل هذا المنصب فسأعتزل الحُكم وأعتكف في بيت الله الحرام حتى يتوفاني الله.



لقد كان الصراع بين القصر والقوى السياسية، غداة الاستقلال، حول رؤى ومشاريع سياسية وحول طبيعة الحكم وتداوله وأسس بناء الدولة المغربية الحديثة، كان صراعا بين رجال ورجال، على خلاف اليوم إذ أنزل النظام السياسي الصراع إلى مستوى منحط تدخل فيه السفهاء من الناس، سفهاء أخلاقيا واجتماعيا وسفهاء أيضا سياسيا.



إن هناك سؤالا نطرحه اليوم لكي يتحمل النظام مسؤوليته السياسية والتاريخية: كيف سيتعامل مع حركة شباب 20 فبراير والقوى المساندة لها إذا قرر جعل نتائج استفتاء فاتح يوليو لصالح الدستور الملكي الممنوح واستمر عامة الشعب في المطالبة بملكية برلمانية ومحاكمة المفسدين من خلال تنظيم مسيرات سلمية احتجاجية؟



لقد كان الحسن الثاني يرفض، على مدى 38 سنة من الحكم المطلق، أن يصبح أي مسؤول حزب وزيرا أولا على أساس شرعية صناديق الاقتراع، لأنه كان يعتقد أنه الوحيد الذي يجب أن يتمتع بالشرعية، حتى ولو لم تكن شعبية عبر استفتاء نزيه وحر، وإنما كان يختار الشخص الذي يناسبه حزبيا كان أم تكنوقراطيا أم بائع أحذية أم حتى سائقا، مثل قال لندمائه في إحدى مجالسه الخاصة.



إنني أدعو شباب التغيير إلى العمل على مرحلة ما بعد الاستفتاء التأكيدي والتحرر من تكتيكات النظام وإخراج النقاش، كما فعلوا مع الإصلاحات الدستورية، من الدائرة الوطنية إلى الدائرة الدولية والانفكاك من أجندته السياسية. عليهم أن يحددوا مطلبا استراتيجيا واحدا الآن وخلق إجماع حوله محليا ودوليا من خلال استراتيجية تواصلية وإعلامية صلبة، وليس هناك أقوى وأعدل وأسمى من المطالبة اليوم بإقامة ملكية برلمانية تكون فيها السيادة للملك والحكم الفعلي لرئيس وزراء منتخب بنزاهة وحرية وديمقراطية، يمثل شرعية وإرادة الشعب المغربي ومسؤول أمامه فقط عبر نواب الأمة، رئيس وزراء يقود فريق حكومي تحت مسؤوليته فقط يعينه ويقيله إذا اقتضت الضرورة السياسية، يسير شؤون الدولة من خلال برنامج سياسي يتمتع بموافقة أعضاء مجلس النواب.



إن مطلب ملكية برلمانية هو الحد الأدنى وصمام أمان للانتقال الديمقراطي الحقيقي وهي الشرط أيضا للفصل بين السلطة والمال، بين ثروة الأشخاص أيا كانوا والاقتصاد الوطني الذي لازال يراوح مكانه منذ الاستقلال المنقوص، فيما ملايين المغاربة يعيشون تحت خط الفقر وآخرون، ذكورا وإناثا، يبيعون أعراضهم وشرفهم، داخل وخارج البلاد، مقابل سكن غير لائق ومبلغ مالي هزيل وتعليم لا يتجاوز محو الأمية وأحوال اجتماعية تصنع الجريمة والضياع والفساد والانحراف ومواكب قوارب الموت.



للأسف هؤلاء "الشماكرية" اليوم، حماة العرش الجدد، هم وقود النظام في محرقة الدستور الممنوح، في حين كان يمكن أن يكونوا جنودا في حركة التغيير ويقاطعوا استفتاء هذا النظام اللادستوري واللاديمقراطي واللابرلماني واللااجتماعي، كما قال الصحابي الجليل أبي ذر الغفاري "عجبت لمن لا يجد القوت في بيته، كيف لا يخرج شاهرا سيفه على الناس".



- كاتب ودبلوماسي سابق


يناقش صيغ تتراوح بين المقاطعة والتصويت بـ "لا" أو عدم المشاركة
مغارب كم ـ الدار البيضاء
على خلاف أكبر الأحزاب المغربية وأكثرها تمثيلية بالبرلمان المغربي، سواء بين فرق الأغلبية والمعارضة، الاسلامية واليسارية واليمينية، قررت أحزاب تحالف اليسار «حزب الطليعة، المؤتمر الوطني الإتحادي، الحزب الاشتراكي الموحد» رفض الدستور الجديد.

ومن المرتقب أن تعقد أحزاب التحالف اجتماعا يوم الثلاثاء 21 يونيو الجاري من أجل تصريف موقف موحد من مشروع الدستور المغربي. ولاختيار شكل واحد للرفض، بين ثلاثة اختيارات مطروحة على الطاولة وهي: المقاطعة، عدم المشاركة و التصويت بـ «لا".
وكانت الأحزاب المكونة للتحالف، قد عقدت مجالسها الوطنية والمركزية، للتداول في قرارها بشأن مسودة الدستور الجديد، نهاية هذا الأسبوع.
ويعتبر الحزب الاشتراكي الموحد أنه رغم التقدم الذي تنص عليه مسودة مشروع الدستور، خاصة في مجالات حقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين والتصدير الخاص بالدستور، إلا أنه لا يحدد من وجهة نظرها، فصلا واضحا بين السلط التنفيذية والتشريعية والقضائية.
وبرر حليف الحزب الاشتراكي الموحد في تحالف اليسار، حزب الطليعة الاشتراكي الديمقراطي، موقف المقاطعة الذي اتخذه من مسودة مشروع الدستور، بأن هذا الأخير يكرس الاختصاصات الموكولة المؤسسة الملكية ولم يقلصها بالشكل الذي يسير في اتجاه إقرار الملكية البرلمانية، على حد قولهم.
وعلى نفس النهج، صاغ حزب المؤتمر الوطني الاتحادي، قراره برفض الدستور العروض للاستفتاء مطلع الشهر المقبل . وعلل موقفه بكون المشروع الجديد بعيد بشكل كلي عن مطلب الملكية البرلمانية.
وشددت تدخلات أعضاء اللجنة المركزية للحزب على أن الدستور المغربي الجديد المقترح لا يستجيب إلى التعديلات التي نادى بها الحزب من خلال مذكرة المطالب الدستورية التي قدمها.
تجدر الإشارة إلى أن الأحزاب المذكورة غير ممثلة في البرلمان على إثر فشل مرشحيها في الانتخابات التشريعية الأخيرة التي أجريت عام 2007.
ولا يعتقد أن يكون لموقف الأحزاب المذكورة أثر على نتيجة التصويت على الدستور، بالنظر إلى التأييد الواسع الذي عبرت عنه الفعاليات الحزبية والسياسية والحقوقية.


هسبريس من النّاظور:
Saturday, June 18, 2011

عبر المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات عن موقفه من مشروع الوثيقة الدستورية المقترحة للاستفتاء،  معلنا بأنه يحتوي على بعض المكاسب الهامة دون يرقى إلى مستوى تطلعات الشارع المغربي التي عبرت عنها حركة 20 فبراير.. داعيا كل مكونات المجتمع السياسي والمدني الديمقراطي إلى "الاستمرار في الضغط المدني السلمي من أجل ملكية برلمانية حقيقية تقر فعليا مبادئ الحرية والمساواة والعدل والكرامة، وتؤسس لتعاقد سياسي جديد يكرس سيادة الشعب".
وقد أورد بيان صادر عن التنظيم الحقوقي الأمازيغي، توصلت هسبريس بنسخة منه، بأنه استمع إلى الخطاب الملكي الذي أعلن عن إحالة مشروع الدستور على الاستفتاء الشعبي يوم فاتح يوليوز المقبل. وقرر أن "يدلي لكافة مكونات الحركة الأمازيغية، والرأي العام الوطني والدولي، بخلاصات تم التوصل إليها  بعد تحليل أولي لمضامين مشروع الدستور و للخطاب الملكي".
وقد اعتبر المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات بأن المنهجية التي تم إتباعها في إعداد مسودة مشروع الدستور قد أدت إلى "ما كان متوقعا من تمرير مشروع دستور في جو من السرية والغموض والالتباس الذي أقصى بشكل تام قوى المجتمع المدني كما تعامل بشكل مهين مع الأحزاب السياسية المغربية"، وأضيف في هذا السياق: " أحيل المشروع على الاستفتاء بسرعة فائقة لم تسمح لأي طرف من الأطراف بتدارسه وإبداء الرأي حوله و السعي إلى اقتراح المضامين البديلة"، واسترسل: "نعبر عن إدانتنا للأسلوب الذي تمت به تعبئة أحزاب سياسية محافظة، في اللحظات الأخيرة لإعداد مشروع الدستور، بغرض اٌلالتفاف على مكاسب طالما طالبت بها القوى الديمقراطية الحية بالبلاد بذريعة الحفاظ على التوازنات بين الأطراف المختلفة".
كما اعتبر المرصد الأمازيغي بأن مشروع الدستور المعروض على الاستفتاء "هو في حقيقته دستور معدل يتضمن بعض المكاسب في إطار استمرار بنية الاستبداد التي لم تتغير، و التي ما زالت تمركز كل السلطات في يد الملك، مما يجعلها مكاسب مقيدة بصيغ قانونية تمثل عوامل عرقلة كلما تطلب الأمر بذلك"، وأضافت الوثيقة المتوصل بها أيضا أن ترسيم اللغة الأمازيغية يعد "مكسبا هاما جاء ثمرة لجهود مختلف الفاعلين في الحركة الأمازيغية منذ عقود طويلة، و حلفائهم من داخل التنظيمات المدنية و السياسية"، وعلق على الصغة التي وردت بها في الدستور باعتبارها "تثير التباسات و تأويلات كثيرة بتخصيص فقرة منفردة لكل لغة من اللغتين الرسميتين على حدة عوض جمعهما في فقرة واحدة باعتبارهما لغتين رسميتين للدولة"، وأردف: "يبعث على الاعتقاد وجود تراتبية بين لغة رسمية أولى هي العربية ولغة رسمية ثانوية هي الأمازيغية، و بما أن اللغة لا تنفصل عن الإنسان فان الأمر يتعلق في هذه الحالة بمواطنين من الدرجة الأولى و آخرين من الدرجة الثانية".
واعتبر أيضا ذات المرصد بأن الحديث عن قانون تنظيمي يحدد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وكيفيات إدماجها في مجال التعليم و في مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، يطرح السؤال حول ما إذا كان هذا القانون سينطلق من الصفر في إدماج الأمازيغية في مجالات سبق أن أدمجت فيها منذ سنوات.. وأورد أيضا بأن التنصيص على أبعاد الهوية المغربية "لم يحترم السبق التاريخي والخصوصية الحضارية للأمازيغية"، وعُدّ هذا "مخالفا لما ورد في الخطاب الملكي ليوم 9 مارس من كون الأمازيغية في صلب الهوية المغربية لأن الدسترة لم تجعلها تحتل مكان الصدارة قبل العناصر الأخرى".
واستغرب المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات ما أسماه " دسترة كل المؤسسات الاستشارية التي أنشئت، بقرارات ملكية، بغرض تدبير ملفات إستراتيجية، واستثناء المؤسسة الرسمية التي تعنى بالشأن الأمازيغي"، معتبرا ذل يدفع لطرح أكثر من سؤال حول "خطة الدولة للتدبير المقبل للشأن الأمازيغي".. كما رصد ما عدّ "قفزا على الواقع والتاريخ والجغرافيا" بوجود " تغييب الانتماء الإفريقي للمغرب و اختزال علاقته مع القارة الإفريقية في تقوية علاقات التعاون والتضامن"، وكذا  استعمال كلمة "الانتماء" في الحديث عن علاقة المغرب بـ"الأمة العربية و الإسلامية".. حيث اعتبر هذا "مفقدا المغرب لإمكانية الاستفادة من رهانات حضارية و جيواستراتيجية بديلة للرهان على المشرق و الشرق الأوسط".
 وختمت الوثيقة المتوصل بها من لدن هسبريس بتنصيصها على كون "التراجع عن الصيغة التي تنص على المغرب دولة مدنية، وعن حرية المعتقد التي هي من الأسس الراسخة للديمقراطية، يعد انتكاسة لمشروع الدستور الحالي الذي كان من الممكن أن يقطع شأوا بعيدا في تكريس الحقوق و الحريات الأساسية كما هي متعارف عليها عالميا"، وأضيف: " التنصيص على المغرب دولة إسلامية يتعارض كل التعارض مع التنصيص على المرجعية الدولية لحقوق الإنسان و سموها على القوانين الوطنية، حيث لا يمكن الملائمة بين منظومتين ثقافيتين متنافرتين. خاصة في غياب اجتهاد فقهي في مستوى التحديات الراهنة".





هذه عيوب الدستور الجديد

فتح الله الحمداني*
Sunday, June 19, 2011

في قراءة أولية لمشروع "التعديلات الدستورية" التي صاغتها لجنة المنوني وأعلن عنها الخطاب الملكي لهذا اليوم، يبدو  أن الملكية احتفظت بأهم الصلاحيات وكل خيوط اتخاذ القرار والتأثير فيه، بشكل يجعل الدستور المشروع لا يرقى لمستوى ديمقراطي كمطلب رفعته حركة 20 فبراير، ولا يحقق نظام الملكية البرلمانية كما هو متعارف عليها في البلدان التي تتبنى هذا النظام، كما عرف الدستور الجديد في بعض مقتضياته ارتدادا عن بعض ما أعلن عنه من خلال خطاب 09 مارس الماضي...
الدستور يعطي للملك صلاحية تعيين الوزير الأول وباقي الوزراء كما له أن يعفيهم من مهامهم، كما يكرس للملك كذلك رئاسة المجلس الوزاري الذي يختص بالتداول في كل القضايا الأساسية كالتداول في التوجهات الاستراتيجية لسياسية الدولة، ومشاريع مراجعة الدستور، ومشاريع القوانين التنظيمية ومشاريع قوانين الإطار والتوجهات العامة لقانون المالية، ومشروع قانون العفو العام، وإعلان حالة الحصار، وإشهار الحرب، والتعيين في الوظائف السامية ، كالعمال والولاة والسفراء والمسؤولين عن الإدارات المكلفة الأمن الداخلي والمسؤولين عن المؤسسات والمقاولات الاستراتجية... وعليه فإن الملك احتفظ بكل الصلاحيات الأساسية، في مقابل تكريس تهميش المجلس الحكومي، رغم دسترته. وربط تدخل الوزير الأول في جل القضايا ذات الأهمية بصلاحيات استشارية فقط، في مقابل التأكيد على الطابع المركزي لصلاحيات للملك، كما أن إطلاق صفة "رئيس الحكومة" على الوزير الأول، لا تستند لأي معطى حقيقي مرتبط بتطور فعلي في صلاحياته للمستوى الذي يجعل هذا "اللقب" معبرا على ما يتمتع به من موقع رئاسي على مستوى "السلطة التنفيذية" انسجاما مع عنونة الباب الخامس من المشروع...
كما نص المشروع الجديد على حق الملك في حل مجلسي البرلمان وإعلان حالة الاستثناء ، مما يشكل انتهاكا للسيادة الشعبية، وقد كان من اللازم إلغاء هذا المقتضى انسجاما مع استبعاد النص على كون الملك هو الممثل الأسمى للأمة المضمن في الدستور الحالي لسنة 1996 ...
وبالتالي وانسجاما مع الفصل الثاني من مشروع "الدستور الجديد"  الذي تضمن النص على كو ن السيادة للأمة تمارسها بالاستفتاء أو عبر ممثليها الذي تختارهم  في المؤسسات المنتخبة بواسطة الاقتراع، وما يترتب عن هذا النص من اعتبار الاقتراع هو الوسيلة الوحيدة لاختيار ممثلي الأمة، فإن الملك ، وتبعا للتعديل الذي أدخل على الفصل 19، لا تبقى له أي صفة تمثيلية للأمة ، وعليه لا تبقى لصلاحيته في حل البرلمان كمؤسسة تمثيلية أي مشروعية ديمقراطية، ولا أي أساس دستوري قائم على الانسجام ووحدة الرؤية... وفي هذا الصدد يلاحظ أن الفصل 52 من المشروع يكرس المقتضى المنصوص عليه في الدستور الحالي الذي يجعل الخطاب الملكي خارج أي إمكانية لمناقشته من قبل ممثلي الشعب في البرلمان، كما أن الفصل 67 من مشروع الدستور  يعطي الملك حق المبادرة غير القابلة للنقاش من أجل تشكيل لجان برلمانية لتقصي الحقائق بشأن واقعة معينة...

هذا بالإضافة للصلاحيات المكرسة في الجانب العسكري والأمني، وقد لوحظ عدم الالتفات لمطلب إخضاع الأجهزة الأمنية لسلطة وتدبير الحكومة بشكل كلي، وإخضاعها تبعا لذلك للرقابة الشعبية عبر ممثلي الأمة في البرلمان، تجسيدا لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة المنصوص عليه في الباب الأول من المشروع، وهذا المبدأ يصير، مجرد "شعار" لا معنى له، استحضارا للنصوص التي جاء بها نفس المشروع والمتعارضة، بالنظر لمضمونها، مع جوهره... وفي نفس الصدد فإن كل فصول الباب الأول والباب الثاني، تبقى مجرد "شعارات" ومبادئ عامة ، يتطلب تفعيلها القيام بإصلاحات واسعة، ويقتضي الإيمان بها تغيير جذري في عقليات من يحكموننا، بل يتطلب الانتقال ببعضها من عموميتها كمفاهيم، إلى مستوى الإجراءت العملية، إلغاء فصول كاملة في نفس المشروع المتعارضة مع مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان 
القضاء وإن تم الارتقاء به على مستوى المصلطلح إلى "سلطة"، فإنها تبقى سلطة مشوبة بعدد من عوامل اللاتوازن، من خلال رئاسة الملك لما سمي "المجلس الأعلى للسلطة القضائية" ، والنص على صلاحياته في تعيين خمسة من أعضاء هذا المجلس من خارج رجال القضاء ، وهذا قد يوجد له مبررا في كون الملك هو الضامن لاستقلالية القضاء حسب الفصل 107 من المشروع... لكنها صلاحيات مرفوضة مبدئيا اعتبارا لكونها آلية تخل باستقلالية السلطة القضائية.
وهناك ملاحظات أخرى يطول تفصيلها.
الخلاصة أن المراجعة الدستورية التي قام بها الملك، لم تأت بأي جديد وكرست شكل النظام الاستبدادي،  بل لوحظ التشديد على صلاحيات الملك بشكل واضح، ولم يتم النص بشكل صريح على فصل السلط، أو سن فصول تجسد هذا المبدا على مستوى التطبيق.. وهذه نتيجة طبيعية لكون اللجنة التي كلفت بصياغة هذه التعديلات لم تشكل بطريقة ديمقرايطية نابعة من إرادة شعبية، مما يدفعنا للتأكيد على مطلب اعتماد طريقة شعبية ديمقراطية لتشكيل هيئة تتولى إعداد دستور ديمقراطي يعرض للاستفتاء ... أما في حالة التغاضي عن هذا المطلب والسير في اتجاه فرض الدستور عبر استفتاء صوري معروفة نتائجه سلفا، فإن موقف حركة هو الرفض التام لهذا الدستور. وفي انتظار صياغة الموقف بشكل رسمي من خلال جموعاتها العامة على مستوى كل مدينة، فإن التوجه العام داخل الحركة يدفع بوضوح في طريق مقاطعة الاستفتاء الدستوري والتعبئة في أوساط المواطنين على أساس تبني هذا الموقف مهما كلف الثمن.
مبادرة الإصلاح الدستوري جاءت ميتة من أساسها، لأنها لم ترافق بأي مبادرات وازنة تؤكد نية التغيير الحقيقي لدى النظام، خاصة التغاضي عن مطلب محاكمة المسؤولين المتورطين في ملفات الفساد والمجرمين المتورطين في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، كأول خطوة تشكل مدخلا نحو أي "إصلاح" فعلي...
الآن نحتاج لمبادرات تؤكد أن عقلية الاستبداد قد تم القطع معها فعلا لدى المسؤولين، وهو ما لا يبدو متحققا في ظل استمرار نفس الأساليب القمعية في التعاطي مع المطالب الشعبية، واستمرار التعذيب والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في السجون السرية والعلنية ...
إذن يبقى الاختبار الحقيقي لقيمة الشعارات التي رافقت الإعلان عن الدستور الجديد، هو طريقة التعاطي المستقبلية مع الاحتجاجات الشعبية ومدى التجاوب مع مطلب محاكمة المفسدين والمتورطين في جرائم ضد الشعب...
*ناشط بحركة 20 فبراير



للتفاعل المرجو المراسلة على البريد الالكتروني k.isskela@gmail.com






 ساهم السيد  نورالدين علوش   بالمقال التالي :



الأجهزة الأمنية والدستور الجديد: نحو حكامة أمنية


كثر الحديث في الأيام الأخيرة على التعديلات الدستورية المرتقبة في المغرب؛ التي من شأنها أن تؤسس عهدا جديدا يطبعه الديمقراطية والشفافية والحوار. لكن هناك الكثير من المخاوف تثار من هنا وهناك خاصة دور الأجهزة الأمنية في ظل الدستور الجديد. فالجدير بالإشارة أن الأجهزة الامنية بمختلف أنواعها (dst. Djd        ) خارج عن سيطرة الحكومة والبرلمان.  ولا يخفيكم ماذا فعلت هذه الأجهزة الأمنية في المواطنين من اعتقال واختطاف وقتل و تعذيب .... فجميع التقارير الحقوقية  الدولية والوطنية تؤكد على همجية تلك الأجهزة . فلن يدخل المغرب عهدا جديدا مالم تصبح هذه الأجهزة في سيطرة الحكومة ومراقبة البرلمان؛ اذاكانت الأجهزة  الأمنية في الدول الديمقراطية تقوم بدورها الكامل في الدفاع عن حوزة الوطن وفي حماية المواطنين  فإنها في المغرب تقتل الناس باسم الإرهاب وتخلق أجواء التوتر بين القصر والأحزاب السياسية  المغربي لتعيث في الأرض فسادا باسم مكافحة الإرهاب. فالكثير من القيادات الأمنية لا تهتم بالتحولات السياسية الجدية بقدر ما تهتم بالدفاع عن مصالحها.  و مصالحها تكمن في سيادة أجواء التوتر لتفعل ما تشاء بدون رقيب ولا حسيب .

مع الدستور الجديد لابد من دسترة الحكامة الأمنية ولتصبح الأجهزة الأمنية بكل أنواعها تحت سلطة الحكومة ومراقبة البرلمان لن ندخل عهدا جديدا حتى تغيب مشاهد الاختطاف والاغتيال والاعتقال التعسفي ولنا في التاريخ القريب ما يؤكد على ما قلناه الم تعيث في الأرض فسادا فيما يخص ملف بليرج الم تعتقل قيادات سياسية معروفة بولائها الوطني والقومي والإسلامي ( المعتصم و المرواني والركالة...)؟ الم تزج الآلاف من السلفيين في السجون بسبب لحاهم بدون تحقيق أو محاكمة عادلة ؟

لن نستنشق رائحة الحرية مال يصلح القضاء ويتحول إلى سلطة قضائية تمارس د ورها الدستوري بدون تدخل الحكومة أو الأجهزة الامنية . المغرب يعرف تحولات سياسية واقتصادية وثقافية مهمة فلنعمل جميعا على الذهاب بعيدا بهذا المغرب الحبيب ليصبح من الدول الديمقراطية المتقدة . فلنعمل من اجل دولة الحق والقانون, حتى نصل إلى الأهداف وتطلعات الشعب المغربي الكريم. نحن في مفترق طرق ولست لنا خيارت كثيرة فاماالتقدم إلى الأمام أو الرجوع إلى سنوات الرصاص  والتعذيب.لكن  ما يعرفه المغرب من تحولات سياسية وثقافية واقتصادية فالأمور تتطور من الحسن إلى الأحسن .
 نورالدين علوش- المغرب




جديد: مقالاتي في كتاب الكتروني للتصفح - اضغط وسط الاطار -

الهوامش المنسية في كتاب ورقي

الهوامش المنسية في كتاب ورقي

 
-