مدونة الهوامش المنسية : رصد و حوارات و تساؤلات...من أجل تكريس الحرية و الكرامة و ثقافة الاختلاف لقد تم تغيير اسم المدونة ليصبح " الهوامش المنسية " و سيتم تخصيص صفحة للابداع الشعري تحت اسم " هوس الكلمات ".... كما تمت اضافة مقالات جديدة في ساحة الحوار ...... ..... حركة 20 فبراير : دعوة متجددة للاحتجاج الاجتماعي السلمي ..... ممتن و شاكر لزيارتكم .... للتفاعل و التواصل k.isskela@gmail.com

إبداعات الأصدقاء

       هذه صفحة متجددة ستجدون فيها إبداعات أصدقاء المدونة


لقد خص السيد لحسن بلقاس  مدونة الهوامش المنسية بقصيدة شعرية،


 لنا شرف مشاركتكم متعة قراءتها

قهوة الصباح
Image 003.jpg 
اسائل قهوة الصباح
لما النواح؟
لما السواد يسود؟
تحته نار تلوح
بلهبها وتفوح
لغياب قهوة امي للأبد
اهو فرار الى يوم فتح..
ام هو اجترار لجراح..

هموم اثقلت كاهل محمود
شرب كاس احزان جد
وذاق مرارة اشواك القيود
حتى قطف مع قطف الزيتون
ولبس التين ثوب الحداد
ليستقبل الثرى جسده
استقبال الابطال/الجوارح
ونغني/نبكي/نحزن...
لفقد ثمرة اطروحة  بستان
في ربيع امة ماتت بالمذابح
في الميادين و المسارح،
لتأخذ نعشها
لترسم بدمها
لوحة أيامها

لوعة الانسان للحرية
للعدالة...
خروج العصفور من القفص
قضاء القدر/قضاء ابن ادم..
امام عين الوقت المحتوم
خبز جاف هنا..
بين اغصان الموعود
عند سدرة  قوس مشدود
وسيف مسلول
على ايد،
على رقاب ،
على اعناق.

حلم يطفو على السطح
لحقوق انسان ..
اه من حقوق
لنقف وقفة صمود
امام تسونامي اوراق
تناثرتها ايدي الاستعمار
لنشرب جميعا قهوة المساء
لننام على كتف
فجر/شمس صبح
لأعد قهوة الصباح..
lahcenbelqas@gmail.com
لحسن بلقاس

لقد خص الأديب العراقي زيد الشهيد  مدونة الهوامش المنسية بمجموعة من القصص القصيرة جدا، لنا شرف مشاركتكم متعة قراءتها

                                                                                                                                                               
هنــالك .. النّـــاي
 
 زيد الشهيد / العراق                                               
                      
(1          1)  انكفــاء
   هكذا .. كلما جنَّ الليلُ تناهى إلى مسمعِه صوتُ الناي قادماً من قلبِ الظلمة العتية التي تتكاثف عند  كتفي النهر ، فيروح يستدعي فتاةَ الذاكرة لترفلَ على خميلةِ ذكرياتٍ شرعت تبهت وهو يدخل عامَه الخمسين :" تعالي "! .. ويفرد ذراعي لهفته ، فتنطلقُ برهافتِها المعهودة تقصّ زمنَ ذلك الشاب الذي عشقَ النهر منذ صباه . وحين كبُر ونادت عليه المراهقةُ ليدخل من بابِ حبِّه لتلك الفتاة التي كانت تجيء مصاحبةً لأمِّها وهما تحملان قدوراً يحاوران من خلالها النهر ثم تعودان محمَّلتين بالماء " رحَّب بالنداء ، فوهبته الفتاةَ ... فتاةٌ هي الأخرى أشرعت المراهقة نافذتَها عريضةَ ، طالبةً أنْ تتقبَّل ابتسامةَ ذلك الشاب الذي يقاربُها العمر ... قالت له : " أنا زكية " ، وقال لها :" أنا وادي " .. وقال لهما النهر هاكم أنفاسي عُبّا منها شوقَكما ، وازفرا عليها آهاتِكما يوم تتألمان أو تتأسيان .. أظهرا غرابةً للجزء الثاني من عرضه ، فلم يُظهر هو غرابةً لاستغرابهما .. قال لهما :" الحبُّ لذّةٌ ولوعة .. شوقٌ واحتراق .. نهلٌ وتضحية ؛ والقادم لا تحسبانه جنّةً بلا حدود أو رحلةً بلا انتهاء .".
   صوتُ الناي فجَّر في صدرِه شهقةً ، وجعل العينين تهدران دمعاً.. نهض على ذبذبات نوحِه جاعلاً الخُطى تقوده إلى النهر .. هناك ! .. إلى الصخرةِ التي اعتلتها ورمت بنفسِها إلى أعماقه لتتركه أسيرَ العذاب في دنيا أغرته بمباهجِها وغواياتها وتركته يسحقَ قلبَ فتاةٍ أحبته بولهٍ ، بشهادةِ النهر وقرارِ العهد الذي قطعته له فمّا قدَّر ، ولا التزم ، ولا حتى ندم .
صوتُ الناي سحبه إلى النهر .. هناك ، اعتلى الصخرةََ . وهمَّ برمي نفسه سعياً للقائها ، هناك ، في أعماق النهر .. بيدَ أنّه تخاذل ، وتردد ! .. جَبُنَ ... فأنكفأ .

(2              2)  شــجن

-        إنّه ينتظرُني هنالك ! .. ها هو صوتُ الناي .
وكالعادةِ ارتدت عزيمتَها على لقائِه ، وخطت تاركةً البيت يشيعُ فيه الصمتُ وأنفاسُ الأبناء الذين كثروا عَدداً ، والزوج الذي نعِم بها زوجةً  .. اتَّخذت الأزقةَ المتهالكة ، خروجاً إلى النهر. لم تأبه للظلمةِ التي كانت تشيعُ في الأرجاء ؛ والفضاء المفتوح على الشريط الرملي الممتد مع النهر ما عَنى لها شيئاً .. الذي كان يعنيها هو تصميمُها على لقائِه حتى وهي تدخلُ عامَها الخمسين .. صوتُ الناي يعزفُ سيمفونيةَ الألم ويقدِّم مُعلّقةً موسيقية تتحدث عن الفقدِ والضياعِ الذي لفَّ حياتَهما بعدما كانا يلتقيان خلفَ الزورق الراسي على الضفة ، بعيداً عن أعينِ الفضول ينعمان بأعوامهما الخامسة والعشرين .. تقعي على الرمل ويقعي معها . يحدِّثها عمّا جمعَ من مالٍ ليكون مدخلاً لحياةٍ حلما بها كثيراً .. تقول له : أنا أثقُ بك ، وأعرف أنكَ عازمٌ على الاقتران بي . ولكن هل تجتاز العقبات فلا تأبه لمن سيعيق لقاءَنا ألأبدي ؟ فيطلقُ  قهقهةُ السخريةِ من الأقدار ، والمفاجآت ، والعقبات . قائلاً : " أنت لي حتى لو غضبَ النهرُ زَعَلاً ، وأزبدت السماءُ توعداً . ".
صوتُ الناي يقتربُ كلما دنت ، فيحاورها ( هو ) بالألم الذي تسللَّ إلى تلافيف رأسه وجعله يشعر بوشيشٍ دائم يشيع في دروبِ مسمعه ، وتدمع عيناها ( هي ) كلما التقته واكتشفت أنَّه يفوه بكلماتٍ لا رابطَ لها مع حواره .. تقول له : حالُك لا يطمئنُني ! بماذا تشعر ؟  . فيجيبُها بكلماتِ الذهول : وشيش يدوُّم في أذني ، ويُعجِزُني عن محاولةِ النطقِ بما أريد .
يوماً بعد يوم كان الوشيشُ يكبر واللسانُ يريل . استعاضَ عن عجزِه في النطق بنايٍ صنعه بنفسه من القصب الذي يجاور النهر .. وجده طريقةً مُثلى للحوار مع الحبيبة التي تمزقت دواخلها وهي تترجمُه يذبل ، ويذوي ، ثم يموت ..
بكته بحرقةِ الشباب . وتلفعت عباءةَ الحزن والعزمِ على أن لا تنساه . ساعدها في ذلك صوتُ الناي الذي كان يتناهى إليها عندما تهمّ بوضعِ رأسها على الوسادة ؛ حتى وهي تقترن برجلٍ أغدق عليها عديدَ الأبناء وزرع لها دربَ الحياة بورودِ الطمأنينةِ والهناء ، فتنهض فزعةً تخشى عتبَهُ . تنهض على نداء الناي متَّخذةً الدرب النازل إلى الشريط الرملي .. هناك حيث ستلتقيه كعادتِها التي استمرت وتواصلت ربعَ قرنٍ من الزمان ، ومدىً لا ينقطعُ من اللهفة والحنين .

(3)    قــدر
-        وهكذا يا أحفادي .. الزمنُ علَّمنا أنْ لا شيء يدوم ، وموهومٌ من يَغتر في الدنيا  .. ألا تسمعون صوتَ الناي ؟
-        نعم .. نعم ! ...
كانوا يردّدون بحماسةِ الصغار المتعطشين لفحوى الحكايات يقصُّها عليهم الكبار ، وهم يؤكدون كلامَه ، قائلين : نعم .. ها هو يعلو .. ويعلو !.
-        ساحرٌ غريب هذا الليل ، ومكمنٌ عجيبٌ هذا النهر يا أولاد .
حيرةٌ متراغيةٌ تفشيها عيونُ الصغار الملتمِعة شغفاً لما سيقوله الجَّد .. قلقٌ ممض تعبّر عنه ارتعاشُ أناملهم الرقيقة وهم بانتظار تحرّك شفتيه .
-        لا ندري من أين قدِم ذلك الشاب الثلاثيني ، متخذاً من زورقٍ صغير بيتاً وملجأً ، ومن النهر درباً للعيشِ وتمشية الحال ... الذي ندريه أنه كان غريبَ الأطوار ، متوحِّداً لا يدنو من الناس كثيراً ، ولا نطق يوماً بغير تعامله في بيع سمك يصطاده ووسائل عيش يحتاجها ليومه . ما كان قبيحاً بل جميلاً . ما ارتدى ثياباً متهرئةً لبائسٍ فقير بل كان يتبدّى مُهندَما مُترفاً حتى وهو منهمك في عمله كصياد يتعامل مع الشباك والماء ورمل الشاطئ .. عزفُ نايٍ في منتصفات الليالي كان يأتينا من هناك .. من جهة تواجده . نايٌ صرنا في المدينة نسمعه على امتداد أعوام فيثير فينا الشجن .. وحين نتوجه إلى مصدر صوته لا نجد أحداً .. فقط صمت يشيع يحكي قصةَ نهر لبّى نداءَ مَن قال له أريد أنْ استقر في أعماقِك ، وامرأة غريبة بتنا نبصرها تتجه كل ليلةٍ صوبَ شجرةِ الغَرَب المُعرِّشة عند كتف النهر .. تسند ظهرَها على جذعها ، هناك تبكي بمرارٍة وحرقة وألم ، ثم تقفل عائدة إلى حيث لا ندري . يصمت بعدها الناي ، فلم نسمع له عزفاً حتى يحين منتصف الليل التالي ... قيل أنها امرأةٌ ذاكرةٌ تؤرِّخ الانعطافات الحادة لأولئك الذين سار بهم قطار الزمن إلى حيث لا يرغبون ؛ تقص على الناي حكاياتِهم ليدوّنها في سجل قلبه ويجسِّدها نوحاً على جدار الأيام . وقيل أنها امرأةٌ شهدت نشأةَ جارٍ لها أحبته وعاصرت أيام عزّه لكنّها لم تفه له باحتراق قلبها ولم تُطلعه على لواعجَ أعماقها . فعاجلُه  القدرُ يوماً بطعنةٍ نافذة عندما أحبَّ فتاةً اختطفها مَن لم يستحقَّها كما اعتَقَد . ذلك جعله يهيم مجنوناً ، يترك البلادَ والعبادَ فيصاحبُ النهر ويرثي حبّاً بنايٍ يُطلق نواحَه ليلاً . أما هي فلم تجرؤ على التقدم لتعرض عليه قلبَها المحترق ، وتقول:  أنا التي تستحقها لا هي ، إنما طفقت تواسيه بدموعها من بعيد ، وتعزّيه بمهنةٍ ليست له ؛ ختمها بغيابه الأبدي في قلب النهر . مثلما قيل أنها حبيبته التي هجرته عندما كان يُجاهر بحبّه لها ويكايدَ أصدقاءَ حذّروه من غدرها ، فترجمَ حذرَهم غيرةً منه وحقداً عليه ، ولم يُصخ سمعاً لقلوبِهم المعتصرة ألماً عليه ، ولا لألسنتهم المرددَّة : ستندم ! .. ستندم ؛ حتى جاء اليومُ الذي مرَّغت على أديمهِ كرامتَه ورمته ذليلاً في مجتمعٍ لا يُحب الأذلاء ، فاتخذَ من النهرِ درباً ، ومن الصيدِ سلوى ، ومن الغيابِ عنهم خجلاً وتصميماً ، ومن الناي عبرةً للقادمين .
تلك حكمةُ الزمنِ ؛ تُقر أنْ لا شيءَ يدوم ، وأنَّ من يَغتر في الدنيا موهومٌ .. أتمنى أنْ تتخذوا منها تذكرةً لكم يا أولاد عندما تكبرون ؟ .. هل تودون الذهاب لمصدرِ نوح الناي ؟
هتفوا بشغفِ الوصول والاكتشاف :
-        نعم ، نعم . ونريدُ مشاهدةَ المرأة .. هيـــا !
   4) مصــــير

شجيُّ ومثير .. عذبٌ ومؤثّر  صوت الناي ، ذلك القادم من هناك .. من الشريط الرملي المعتم الذي ينام على هدهدة أنسام تمر عليه وتمرر كفَّها الحاني على جسد النهر ... كثيفٌ ذلك البستان الذي يبدو كحشدٍ من آهات لأناسٍ توسَّدوا الثرى وغاروا في بطونِ الزمن السحيق . أناسٌ صاحبوا إلى قبورِهم قلوبَهم الحزينة ، وهمومَهم الثقيلة ، وبراءتَهم المنتهَكة ، كذلك تطلعاتِِهم التي لم تتحقق . صوتُ الناي أيقظهم الآن من رقادِهم . والناظرون مِن على شرفات الحاضر بإمكانِهم اللحظة  رؤيةَ الجموع يخرجون من عمق العتمة حاملين آهاتِهم مشاعلَ تضيء دربَ القدوم إلى حيث صوت الناي .. يتوالى وصولُهم ، وتزداد جموعُهم فيغصُّ بهم شريطُ الرمل .. يتطلعون في ما بينهم . صوتُ الناي يدفعهم إلى أداءِ طقوسِ الشهقات . ينثرون نظراتهم المشبعة بآلام لا تُطيق حملَها الجبال . يتبادلون حواراتٍ لا تسمعها الموجودات ( يسأل احدُهم الآخر : من أي زمن أتيت ؟ وكم استغرق وجودك في برية الضياع ؟ متى ينتهي رحيلُنا الأبدي ؟ وإلى أي مرسى تتَّجه بنا سفينةُ الأجداث ؟ ) . بوسعِ الناس - من على شرفاتِ الحاضر - مشاهدةَ الكلمات تتفتَّت مهشِّمة من بين شفاهِهم بينما أفواهُهم بين لحظة ولحظة تنفرج كما لو كانت تبغي إطلاقَ صيحات الشجن لتحكي تاريخاً من المرارات ، وأجيالاً من السحق ، وهولاً لا يطاق من الفقد .. بالإمكان رؤيتهم يرتدون ملابسَ لأجيالٍ انهالت فوقَها القرونُ والحقب تحكي عهوداً سومرية وبابلية وإسلامية ومغولية ، ريفية وحضرية ، أعراباً وأغراباً ، سادةً ورعاع . طافوا في المكان ؛ وهاموا على صوتِ الناي يحدوهم إلى مداراتٍ زمنية لا ترى ؛ ما لبثوا أن  دخلوا إلى النهر يتطَّهرون استجابةً لندائه السرمدي ؛ ثم يخرجون عُراة إلا من همومِهم وأسئلتهم ، فيعودون زرافاتٍ ، زرافات إلى كثافة العتمة ، إلى قلبِ البستان الغارق في الدكنة الثقيلة ليرقدوا الرقادَ الأبدي على هدي صوتِ الناي الذي شرعَ يتلاشى بغيابِ آخِرَ عائدٍ منهم . تشيعُهم حيرةُ الوجوهِ المتابعة -من على شرفاتِ الحاضر- الوجوهُ التي ما أنْ هدأت الأشياءُ ، ومعها النهرُ حتى راحت تحدّق بملامحَ بعضِها بعضاً وسطَ حركةِ شفاهِها التي أفصحت عن كلامِ يقول :
يوماً ما ستنظمّون إليهم .
نعم .. يوماً ما .
                                                                                       السماوة
                                                                                 20حزيران 2011
  زيد الشهيد / العراق 

taraseem@yahoo.com

بكلوريوس آداب / لغة انكليزية ..
عضو اتحاد الادباء العراقيين
وعضو اتحاد الادباء والكتاب العرب .
أصدر مجموعة (مدينة الحجر) عن اتحاد ادباء العراق عام 1994
صدرت له مجموعة (فضاءات التيه) عن دار ألواح في اسبانيا .العام 2004 .
كما صدرت له مجموعة (حكايات عن الغرف المعلقة) دار أزمنة العام 2004
وهي مجموعة قصصية.
وصدرت العام 2004 مجموعة شعرية (أمي والسراويل) .
في النشر الآن روايتي (سبت يا ثلاثاء) .
يمارس النقد والترجمة


0 التعليقات:


جديد: مقالاتي في كتاب الكتروني للتصفح - اضغط وسط الاطار -

الهوامش المنسية في كتاب ورقي

الهوامش المنسية في كتاب ورقي

 
-