مدونة الهوامش المنسية : رصد و حوارات و تساؤلات...من أجل تكريس الحرية و الكرامة و ثقافة الاختلاف لقد تم تغيير اسم المدونة ليصبح " الهوامش المنسية " و سيتم تخصيص صفحة للابداع الشعري تحت اسم " هوس الكلمات ".... كما تمت اضافة مقالات جديدة في ساحة الحوار ...... ..... حركة 20 فبراير : دعوة متجددة للاحتجاج الاجتماعي السلمي ..... ممتن و شاكر لزيارتكم .... للتفاعل و التواصل k.isskela@gmail.com

العزة وتازة أولا وغزة ثانيا


العزة وتازة أولا وغزة ثانيا

كريم اسكلا


لا يستطيع أحد أن يجادل في مأساوية واقع القضية الفلسطينية، ومقدار الظلم الذي لحق أهلها، من تقتيل وتشريد في استباحة تامة لكل التشريعات والمواثيق والقيم الانسانية. لكن لن نجادل أيضا في مأساوية المتاجرة بها،  فقد تاجر بهذه القضية أطراف عديدة منذ بدايتها بما فيها الحركة الصهيونية، وبما فيها أيضا بعض الفلسطينيين الخونة، ويضاف إلى ذلك مجموعة من الأنظمة الدكتاتورية سواء العربية أو الإسلامية أو الغربية...وكذلك نخب ظلت ترهن مستقبل الشعوب بحل هذه القضية. وآخر استغلال سافر لهذه القضية العادلة دعوات مجموعة من التوجهات بالمغرب إلى مسيرات للتضامن مع القدس بمناسبة اليوم العالمي للأرض. فنبل القضية ونبل الدعوات الانسانية والحقوقية للتضامن من أجل هذه القضية، لا يجب أن ينسينا الاستغلال البشع لمثل هذه القضايا لأغراض غير نبيلة، فما معنى أن تخرج مسيرات تسمى تضامنية بحجة الحق في الحياة والعيش الكريم للشعب الفلسطيني...ولا تخرج المسيرات ذاتها للمطالبة بالشيء نفسه في بلداننا ؟
لقد وصل بنا الحال، في المغرب، إلى درجة التنافس في التضامن مع الآخرين، " ففي ذلك فليتنافس المتنافسون"، حيث فجّر التضامن مع القدس والشعب الفلسطيني صراعا بين «مجموعة العمل الوطنية لمساندة العراق وفلسطين» و« الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني» و« الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة»، وقد فرض هذا الصراع تنظيم  أكثر من مسيرة وطنية، كانت الأولى يوم 25 مارس من تنظيم «الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة» و مسيرات أخرى يوم 30 مارس  من تنظيم الجهة نفسها، بينما نظمت مسيرات أخرى يوم فاتح أبريل وأشرفت عليها «مجموعة العمل الوطنية لمساندة العراق وفلسطين» و»الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني »... وانهمك الإعلاميون والمحللون في مقارنة عدد وعدة كل طرف في محاولة منهم لفرض أجندة مغايرة للهم المحلي.
هؤلاء  "المجاهدون" و "المناضلون" و "الحقوقيون" ( باستثناء بعض الفعاليات الحقوقية ) لم يخرجوا للتضامن مع شهداء البرد القارص بمرتفعات الأطلس، أو مع ضحايا النصب والاحتيال باسم النجاة، أو مع ضحايا نهب صناديق التقاعد والعقار والسياحة، أو مع المنتحرين من أجل الكرامة، أو العطشى واليتامى و الأرامل والحفاة بين صحاري وجبالات المغرب المنسي، أو مع الأمهات اللائي يلدن في الشوارع أو في الممرات، أو مع أطفال وفتيات تستغلهم مافيات تجارة اللحم البشري، أو ضحايا النصب باسم القروض الصغرى، أو ضحايا الهجرة السرية، أو العمال والعاملات الذين يتم تسريحهم...
 إننا هنا لا نعمم الكلام على الجميع، فلا ننفي أن العديد من الفعاليات المتبنية للقضايا الانسانية بما فيها القضية الفلسطينية منخرطة في الحراك الاجتماعي المحلي وتتبنى أيضا وبشكل كامل القضايا الوطنية والمحلية... فكلامنا هنا يعني بالدرجة الاولى هؤلاء الذين يريدون أن يجعلوا من القضايا الانسانية الخارجية (القضية الفلسطينية مثلا) أفيونا لإلهاء الشعوب عن قضاياها المعيشة.
هؤلاء "المجاهدون" و "المناضلون" و "الحقوقيون" ينسحبون إلى "رهبانيتهم" حين يتعلق الآمر بالقضايا الوطنية، وباسم "الخروج في سبيل الله" ينصرفون عن الترافع من أجل المشاكل والقضايا الحقوقية المحلية إلى الانزواء في "خلوتهم"، ولا نسمع لهم صوتا إلا عندما يتعلق الأمر بطفل هنالك أصابته نعلة الأعداء، ويتناسوا أن سياط الإخوة  أكثر قسوة من سياط الأعداء ...
هؤلاء "المناضلون" و "الحقوقيون" لا يتألمون لبكاء طفل أو امرأة أو رجل مغربي ...ويتألمون ويئنون فقط  لصرخة امرأة شرقية...فقد جلد أهل أسفي ..وكأن على رؤوسهم الطير...واحترقت تازة ...ولم يحركوا ساكنا..وتسحل جبالات الريف ..وقد أسمعت لو ناديت حيا ...وانتفاضة سكان اميضر ووكليم لازالت مستمرة...وانتفاضات أخرى عديدة يصعب حصرها في مقامنا هذا... لكن ردا على كل ذلك قالوا أن "الفتنة نائمة نعل الله موقظها "، وقال اخرون أن "السقف الذي يظلهم ليس هو ذات السقف الذي يظل الشعب".
 فجأة ..وبعد "خلوتهم في سبيل الله" ها هم يخرجون ذات يوم بارد ..في ليلة كذبة سخيفة... والذريعة دماء غزة ! بأي وجه سنعلن تضامننا مع غزة ؟... وغزة وبالرغم من أنها محتلة ومحاصرة وفي حالة حرب...لكنها متقدمة علينا في مؤشرات التعليم... ! نحن أولى بالتضامن. شعب أمي... وشعب حر متعلم، من يجب أن يتضامن مع من ؟
 بمناسبة يوم الأرض تضامن هؤلاء "المناضلون" و "الحقوقيون" مع شعوب تعيش فوق أرض ما كيفما كانت، تضامنون مع الشعوب كلها باستثناء شعبهم الذي يعيشون بين ظهرانيه.
أيها "المناضلون" و "الحقوقيون" غزة تقول لكم :
 كل من لا يتضامن مع شعبه لا يعول عليه.
لا خير يرجى ممن لا ينتصر لشعبه.
لا تناصرون شعبكم فكيف ستناصرون شعوبا أخرى؟
أيها "المناضلون" و "الحقوقيون" متى كان بإمكان عبد مملوك أن يتضامن مع سيد، فذلك الطفل الحامل للشارة والحجارة...سيد نفسه، فما عساكم تقدمون نفعا لأسيادكم ؟  إن أفضل شيء نقدمه لفلسطين وللشعوب المقهورة هو أن نحرر ذواتنا من القهر والظلم والطغيان...فالكرامة والعزة والتحرر ( القضايا المحلية والوطنية ) أولا، وغزة ( القضايا الانسانية ) ثانيا.


المقال منشور في موقع كلامكم 

1 التعليقات:

مدونة گولها يقول...

بالتوفيق والسداد
تحيتي ومودتي


جديد: مقالاتي في كتاب الكتروني للتصفح - اضغط وسط الاطار -

الهوامش المنسية في كتاب ورقي

الهوامش المنسية في كتاب ورقي

 
-