الانتخابات بالمغرب: هل ستنجح ديمقراطية الواجهة في كبح المد الاحتجاجي ؟
كريم اسكلا
25 نونبر 2011
لم يتمكن التعديل الدستوري من الحد من احتجاجات الشارع المغربي، بل وحتى قبل الاستفتاء عليه تزايد زخم الاحتجاج، وتجددت في العديد من المدن و القرى المغربية موجات الاحتجاج للمطالبة بإسقاط الفساد و الاستبداد و مقاطعة الاستفتاء على الدستور و بعده مقاطعة الانتخابات، و في عز الحملة الانتخابية للأحزاب المشاركة خرجت مسيرات وصفت بالأضخم منذ20 فبراير ، ليجد النظام المغربي القائم نفسه أمام خيارات صعبة، إما الاستجابة لمطالب الشارع بدون شروط و لا تحفظات، أو اللعب بما تبقى له من أوراق المناورة و تأجيل الغضب الشعبي و محاولة إرضاء المواطنين ببعض الإصلاحات الجزئية. و ذلك إما بالاستمرار في نفس سياسته الحالية بتقديم بطانته و حاشيته الحالية ضمن مجموعة الثمانية، أو بالاتكال على رموز الكتلة التاريخية و بعض التكنوقراط، و في أكثر السيناريوهات مكرا يمكن الدفع بالإسلاميين إلى السلطة معززين ببعض اليمينين و اليساريين المعتدلين كشكل من أشكال حكومة وحدة وطنية وسطية.
وقد أشرت في مقال سابق تحت عنوان: تعديل الدستور .. و ماذا بعد ؟ إلى " أن النظام المغربي اتجه إلى محاولة التحكم في سقف الخيار الثوري، عملا بمبدأ أنه إن كان لابد من ثورة فلنعمل على ألا تكون ثورة جذرية. لكن الخوف كل الخوف هو أن يقع الانقلاب حتى على هذا المستوى من الإصلاح بعد الاستفتاء على الدستور، و ذلك باستغلال إلهاء الشعب بمكسب التعديل الدستوري. لذا يجب الانتباه إلى عدم السقوط في الفخ الذي وقعنا فيه بعد جلاء الاستعمار، أن نفرح بمكسب منقوص و ننسى استكمال التحرر. لذا لا يجب أن ينسينا التعديل الدستوري استكمال أجندة التغيير. و إذا كانت الثورة يصنعها مغامر ويرثها انتهازي، فلا يجب أن يصنع الشعب إصلاحا و يلتف حوله مفسدون يحرمونه حتى من ذلك الإصلاح." فهل يكون الاسلام السياسي هو من سيقطف ثمار هذا الإصلاح غير المكتمل ؟
وكيفما كان الحزب الفائز في الانتخابات، فيبقى الرهان بالنسبة للنظام المغربي هو مدى شرعية الانتخابات ذاتها، قبل أن نرى نتائجها، بحيث من المرجح أن تكون نسبة المشاركة ضعيفة جدا، و بالرغم من تلاعب الدولة بالأرقام بحيث أشارت إلى أن عدد المواطنين المسجلين هو حوالي 13 مليون مواطن في حين أن الإحصائيات تقول أن عدد المواطنين الذين يحق لهم المشاركة ( أي الذين يبلغون من العمر أكثر من 18 سنة ) هو حوالي 25 مليون. بهذا المعنى حتى ولو شارك كل هؤلاء الذين تقول وزارة الداخلية أنهم مسجلين فإن نسبة المشاركة عندئذ لن تتجاوز 51%. هذا يعني انه إن صرحت الدولة بأن نسبة المشاركة بلغت حوالي 40 % فهذا يعني أن النسبة الحقيقية في حدود .19%
إن النسق السياسي المغربي عبارة عن لوبيات إدارية واقتصادية وساسية ذات امتدادات أخطبوطية في المجتمع، تعتبر أي تغيير لفائدة البلد تهديدا خطيرا لمصالحها، بالتالي قد يكون من المستحيل إحداث تحولات حقيقية دون إعادة النظر في مجمل النسق المجمعي و السياسي بشكل عام، ما دامت العديد من المؤشرات تدل على اشتداد عوامل مقاومة التغيير، مثل التضييق على حريات التعبير( سجن الصحفي نيني مثلا، سجن مغني الراب الحاقد..).، الاعتقالات و الاغتيالات ( أكثر من 1200 حالة اعتقال و استنطاق، و11حالة اغتيال، واستمرار البروتوكولات المخزنية، تزكية الجمع بين السلطة و المال دون مراقبة، و الجمع بين السلط والمسؤوليات دون محاسبة....
يبقى الأفق حابلا باشتداد وطيس حرب ارادة التغيير وجيوب المقاومة، الطرف الأول ستترسخ شرعيته مع استمرار تردي الأوضاع الاجتماعية و الاقتصادية و الحقوقية، و تزايد الحس التحرري و الثوري مع ارتفاع نسبة الشباب... واستشعار نسائم الحرية و الديمقراطية من دول تقطف ثمار ثوراتها ...والطرف الثاني سيعزز أسلحته بالتعاضد مع لوبيات الاقتصاد العالمي ( صندوق النقد و البنك الدولي ...) وشركات البترودولار خاصة بعد التفكير في تشكيل نادي الملكيات و ذلك لإنجاح تجربة المغرب و تقديمها كنموذج لإمكانية التغيير من داخل و بواسطة المؤسسات القائمة.