مدونة الهوامش المنسية : رصد و حوارات و تساؤلات...من أجل تكريس الحرية و الكرامة و ثقافة الاختلاف لقد تم تغيير اسم المدونة ليصبح " الهوامش المنسية " و سيتم تخصيص صفحة للابداع الشعري تحت اسم " هوس الكلمات ".... كما تمت اضافة مقالات جديدة في ساحة الحوار ...... ..... حركة 20 فبراير : دعوة متجددة للاحتجاج الاجتماعي السلمي ..... ممتن و شاكر لزيارتكم .... للتفاعل و التواصل k.isskela@gmail.com

بنكيران و أردوغان: اليمن كاليابان



كريم اسكلا


k.isskela@gmail.com 

عندما لا يكون هناك أي مجال للمقارنة يعمد العديد من المغاربة إلى قول شعبي مفاده أن »اليمن كاليابان« . حيث لا شبه بين اليمن واليابان إلا القافية. بين بلد اختار له حاكموه قصرا أن يظل في حقبة القرون الوسطى وبلد اختار أن يكون في مصاف الدول المتقدمة. هكذا تحضرنا هذه المقارنة ونحن نستحضر الديمقراطية التي أوصلت رجلا سياسيا مثل أردوغان إلى السلطة، و »الديمقراطية « التي أوصلت رجلا مثل بنكيران إلى »السلطة « . سواء اتفقنا أو اختلفنا مع اختيارات الحزب الحاكم في تركيا، لكن ما قد لا يجادل فيه أحد هو أنه وصل إلى السلطة الفعلية بواسطة إرادة نسبة كبيرة من الشعب رغم كيد لوبيات العسكر. لكن في الحالة المغربية، كانت لوبيات العسكر – المخزنقراطية – هي التي أوصلت الإسلاميين إلى سلطة صورية ضدا على إرادة النسبة الأكبر من الشعب الذي يرفض المنظومة ككل.

كيفما كان الحال فقد قطف “الإسلاميون” أولى ثمار ربيع الديمقراطية، سواء في تونس أو مصرأو ليبيا أو المغرب...بالنسبة للحالة التونسية شهدنا مسلسلا ديمقراطيا بامتياز انصر فيه الخيار الديمقراطي بالدرجة الأولى وليس حزب النهضة فقط. وفي الحالة المصرية والليبية يمكن أن نستخلص أن هناك تحالفا بين القوى العسكرية الداخلية والخارجية- الناتو بالنسبة لليبيا- و التيارات الإسلامية للتحكم في سقف الثورة. لكن في الحالة المغربية التي رصدناها وعايشنها، لمسنا أن هناك توجها من دواليب السلطة للدفع بالإسلاميين للفوز في الانتخابات، إلى درجة نكاد نقول فيها أنه حتى لو لم يصوت أحد على حزب العدالة والتنمية لفاز بالمرتبة الأولى. حيث سعت الدولة إلى التماهي مع خلاصات العديد من التقارير الدولية التي تشير إلى أنه في حال تنظيم انتخابات نزيهة فسيفوز التيار الإسلامي، بالتالي ولكي توصف الانتخابات بالنزاهة لابد أن يفوز الإسلاميون بأي ثمن.

إن المخزنقراطية دائما ما “تقتات على دماء” معارضيها، فبعد مسلسلات التضييق والترويض..تأتي مرحلة الاحتواء. ولن يجد النظام السياسي أحسن من الحزب الإسلامي المعتدل “ليأكل بفمه بصل” الحراك الاحتجاجي. فورقة اليسار الاشتراكي تم إحراقها في مرحلة التناوب...وورقة الكتلة التاريخية مع حكومة عباس الفاسي، والآن الدور على بنكيران ليلعب دور اليوسفي. لكن لابد أن يحتفظ النظام باحتياط معارضة بديلة قد يحتويها في القادم من الزمن...قد يكون الإسلام الجهادي أو اليسار الجدري أو الحراك الأمازيغي الراديكالي أو الإسلام الياسيني ...خاصة إذا لاحظنا التقارب لواضح بين اجهزة الدولة وقطاعات من الإسلام الراديكالي وتراجع حضوره في الاحتجاجات. وإذا لم يكن بالإمكان احتوائها فسيتم صنع معارضة صورية أخرى.

لابد أن ننتبه إلى أن سياسة الاحتواء تقوم على خلق عوامل الفشل في داخل الجهة التي سيتم احتوائها لتنفجر فيما بعد من الداخل، ففي تجربة الاتحاديين ذوو المرجعية الاشتراكية مثلا، تمت أكبر صفقات الخوصصة ورصد أكبر نسبة التضييق على الحريات...وفي تجربة عباس كان الحزب المعارض ممثلا بوزراء في الحكومة ! في سابقة لم ولن يشهد التاريخ السياسي العالمي مثيلا لها. لتحمل كلا التجربتين عوامل فشلهما منذ البداية. وفي ظل حكومة يقودها الإسلاميون بمعية حزب محسوب على الشيوعية، نتوقع أن يشهد المغرب أكبر نسبة للتعبيرات التحررية الجريئة، يكون أساسها الحريات الفردية، كشرب الخمر والعلاقات الجنسية وحرية المعتقد... حتى وإن تعارضت مع المرجعية الفكرية للعدالة والتنمية...مما قد يدفع بالتيار المتشدد في الحزب وخاصة جانبه الدعوي إلى سلوك طرق قد تفجر هذا الائتلاف وقد تفجر الحزب الإسلامي ذاته.

سيجد الحزب ذو “المرجعية الإسلامية” نفسه مرغما على التعايش مع العديد من الظواهر التي هي في الأساس تتعارض مع مرجعيته، أولا بحكم التأويل الديموقراطي الممكن للدستور، ثانيا بحكم اليقظة التي ستعيشها التيارات التقدمية والتحررية والعلمانية بعد تمكن الإسلاميين من التقدم في الانتخابات. فهل سيجرؤ الإسلاميين على التراجع عن “الخيار الديمقراطي” الذي أوصلهم إلى “الحكم” ؟ ألا يقوم النظام الديمقراطي على ضرورة توفر الضمانات للحريات الفردية ( فكرية ومدنية )، وشيوع ثقافة حقوق الإنسان، والمساواة وعدم التمييز العنصري بسبب الدين أو الجنس أو اللغة، وتحقق مبدأ تكافؤ الفرص وغير ذلك مما هو معروف اليوم في التاريخ الإنساني، حيث السيادة للقيم المتصلة بالحريات؟ إن “صناديق الاقتراع” التي يقول الإسلاميين أنها أوصلتهم إلى “السلطة”، توجب عليهم أيضا ضمان حقوق المختلفين والمعارضين. بالتالي على الحزب الإسلامي أن يتقبل كل أشكال التعبير عن الاختلاف داخل المجتمع مهما تنافت مع فهمه للإنسان. بما فيها حرية المعتقد والمذهب، وحرية اختيار الشريك من الجنسين، وحرية التعبير بكل أشكاله وبكل أشكال التواصل الممكنة... كما عليه الحال في “اليابان” وليس كما عليه الحال في “اليمن”، لعل“اليمن” يقترب إلى مستوى “اليابان”.

كريم اسكلا
ناشط حقوقي
http://isskela.blogspot.com 


جديد: مقالاتي في كتاب الكتروني للتصفح - اضغط وسط الاطار -

الهوامش المنسية في كتاب ورقي

الهوامش المنسية في كتاب ورقي

 
-