مدونة الهوامش المنسية : رصد و حوارات و تساؤلات...من أجل تكريس الحرية و الكرامة و ثقافة الاختلاف لقد تم تغيير اسم المدونة ليصبح " الهوامش المنسية " و سيتم تخصيص صفحة للابداع الشعري تحت اسم " هوس الكلمات ".... كما تمت اضافة مقالات جديدة في ساحة الحوار ...... ..... حركة 20 فبراير : دعوة متجددة للاحتجاج الاجتماعي السلمي ..... ممتن و شاكر لزيارتكم .... للتفاعل و التواصل k.isskela@gmail.com

نحن في مفترق طرق .. إما "نطحة كبش" أو "طحنة في حاوية"

بقلم كريم اسكلا
#طحن_مو fikri_271153874 كتبت تدوينة فايسبوكية منذ أيام، أرجو فيها من أصدقائي في العالم الازرق اقتراح أفضل ترجمة لمقولة مستلهمة من التراث الامازيغي تقول "أنوكوض دا إران أيوت لمغرب إسول أر إتوغول توغرضين"، فيما معناه "الكبش الذي سينطح المغرب مازال يخلف خطواته إلى الوراء" ، وكان التفاعل معها مهما، وتنوعت المقترحات بين ترجمة حرفية وترجمة ابداعية، لكن الاهم في الامر أن هناك شبه اتفاق على أن هناك "نطحة" تتربص ب "المغرب" ، ولازالت ترجع القهقرى قصد استجماع قوة أكبر، وهذه المقولة الشعبية تستدعى في مواقف الخوف على المستقبل القريب انطلاقا من واقع غير امن مليء بمؤشرات "النطحة" . أحد المتتبعين تساءل ما اذا كان "الكبش" أقرنا أم لا ، وربما هو سؤال يحمل مخاوف من "نطحة دامية" لان "القرون" لابد من أن تحدت جروحا قد تكون قاتلة، لكن في المقابل هناك من قال أنه ربما هذا "الكبش" الذي يستمر في التراجع قد يهوي في حفرة في الخلف وهو أيضا احتمال وارد  وهو منطق قريب من شعار "الفتنة نائمة نعل الله موقظها" ، على أساس أن أي تغيير "جذري" سيكون مؤلما وأشد من القتل، وهذا الموقف، يذهب في أحسن الاحوال، إلى درجة المطالبة ب "الاصلاح" أو "التغيير التدريجي" . السؤال الذي يجب طرحه، هو ما الذي يجعل هذه "النطحة" لازمة وما الذي يجعل منها وشيكة، وقد يكون الرد بديهيا وهو أن ما يجعل من الامر حتميا يكمن أولا في قانون الطبيعة الذي يجعل في "الكبش" راغبا في زعزعة "التوابث" في مسلسل اسقاط قطع "الدومينو" ، وثانيا قانون الطبيعة الذي يجعل لكل شيء دورة حياة وتجعل كل مستقر وتابث مهددا بالموت، وثالثا لان الالم الذي يلي اقتلاع ضرس مسوس يكون بالتأكيد أقل من الالم الذي قبله، وقلع ضرس أو الورم السرطاني يكون افضل من بقائه لمصلحة الجسم ككل. ثم ألم يقل احدهم ما معناه أن "اردوكان مثلا استشعر "نطحة" قادمة فصنعة "شبه نطحة" كي يكون الجسم مستعدا للنطحة الحقيقية على طريقة "حقن التلقيح" . لكن هل من الضروري أن يكون ذلك "التغيير" المرتقب "نطحة" ، أو بتعبير اخر ألا نهول من حالة انتقال طبيعي ونصوره على أنه كارثة مدمرة ونساهم بذلك في خلق نوع من "فوبيا التغيير" مما يجعل المواطن يفضل "قطران" الحاضر على "عسل" مسبوق ب  "قريص النحل" .
ربما علينا أن ندرك أن "النطحة" تكون أقوى كلما ابتعد "الكبش" إلى الوراء وكلما طال الوقت، أو بتعبير اخر "الفتنة" كلما ظلت نائمة كلما أمست جيفة نثنة وتناسلت البكتيريات والفطريات حولها وتحولت إلى ورم سرطاني يذهب بالجسد كله، ثم من قال لنا أن تلك "الفتنة" نائمة أصلا، ألا يمكن أن يكون جوهرها هو أن توهمنا أنها نائمة في حين أن هويتها اصلا في ظهورها بمظهر النائمة في حين أنها تعمل فعلها في غفلة منا، تماما كالنهر "السكوتي" ، بل لو تأملنا معنى النوم سندرك أن النوم لا يعنى غياب النشاط، ف "النائم" يكون رغم نومه في حالة نشاط فيسيلوجي وبيلوجي وعصبي ونفسي .. فهذه "الفتنة" التي نعتقدها نائمة هي في الحقيقة نشيطة تعمل عملها، ولا يمكن ن نصيبها في مقتل إلا بإيقاظها ثم هل هناك أصلا "فتنة" أشد من "الإهانة" ، فالنائم هم "نحن المهانون" ، بالتالي فهذا يتطلب "نطحة" عاجلة توقظ "الكرامة" النائمة فينا. وبينما كنت اتفكر في احتماليات "النطحة"  تأتينا أخبار "طحنة" أخرى من بين "الطحنات" الكثيرة واليومية التي ألفناها حتى ما عادة تستفز أعصابنا ومشاعرنا، هذه المرة "طحنة" في حاوية أزبال، ربما لأننا أصبحنا "جنائزيين" لا يثيرنا الظلم إلا عندما تسيل الدماء والأرواح بطريقة مأساوية. مصادفة "طحنة فكري" لهذا المقال حول "النطحة" تجعلنا نخلص أنها ربما رسالة كي نختار إما استعجال "نطحة الكبش" أو نترقب "طحننا" جميعا في حاوية.

"الدون كيشوت" المغربي

عندما يعجز البعض عن تحقيق انتصارات  وانجازات  حقيقية، يتحولون إلى "دون كيشوت Quixote  Don " أو أبطال وهميين في معارك وهمية.
"الدون كيشوت" الذي سنتحدث عنه في مقالنا هذا ليس هو بطل قصة الكاتب الاسبانى ميجيل دى سيرفانتس، بطلنا ( أو أبطال ) قد يكون هو أيضا كبطل الرواية الأصلية، شيخ خمسيني نحيف وطويل، وقد يكون بدينا "محنكا"، بورجوازي متسلق، ومن كثرة قراءاته وسماعه عن حياة الفرسان القدماء قرر أن يعيش دور الفرسان المتجولين، وذلك بأن يخرج لكي ينشر "العدل وينصر الضعفاء..." ، ربما، لكن "دون كيشوت" الذي يعنينا هنا لا يحمل بالضرورة سلاحا خشبيا قديما متآكلا أو يلبس خوذة ويركب حصاناً هزيلاً،...فقد يكون يملك سيارات فارهة وفيلات وأسلحة كثيرة، المهم أن صاحبنا انطلق في جولته فرحاً مزهواً موهما نفسه أنه فارس جوال فصاحب معه صديقا مخلصا، ليس بالضرورة فلاحا ساذجا من أبناء بلدته... فقد يكون صاحب معه ثكنة من أزلامه ومريديه. كما أنه قد لا يكون وعدهم بأن يجعلهم حكاماً على "لامنتشا" كما وعد "دون كيشوت" مرافقه "سانشو باتسا"، ربما صاحبنا وعد مرافقيه بالحصول على مناصب وامتيازات واكراميات وأرباح من مناجم ومقالع "لامنتشا" (وكل واحد له "لامنتشا" التي يريد )... لكن ما يجعل من "الدون كيشوت" نبيلا بالمقارنة مع "الدون كيشوت" المعاصر الذي نتحدث عنه، هو أن كل ما قام به كان من أجل تكريم حبيبته "كولومب"، أما صحابنا فهو يدخل معاركه الوهمية فقط من أجل نرجسيته الذاتية.  كما أن ما يجعل من دون كيشوت دي لامنتشا الأصلي نبيلا، عكس "الدون كيشوت" الذي نحن بصدده، هو أنه فعل كل ما فعله وهو يعتقد بأن ذلك حقيقة وأنه يفعل ذلك من أجل تحقيق المجتمع المثالي أي من أجل الخير، لكن صاحبنا هذا فيفعل، بل يقترف كل ما يفعل، وهو على علم بأن كل تلك "الإنجازات" زائفة ومجرد وهم، وكان يفعل ذلك من أجل الشر ولاشيء غيره.
إذا كان "الدون كيشوت"، ذلك البطل الوهمي، خاض معركته الأولى ضد طواحين الهواء،  حيث توهم أنها شياطين ذات أذرع كبيرة واعتقد أنها مصدر كل الشر في الدنيا، فهاجمها ورماها برمحه الذي علق في أذرعها فرفعته في الفضاء ودارت به ورمته أرضا ...إذا كانت تلك حكاية بطل "لامنتشا" فإن حكاية "الدون كيشوت" المعاصر تقول أنه رسم له أعداء من تصميمه على جدران قصوره، على شكل تماسيح وعفاريت وتراكتورات ... وظل يناطحها ويصارعها... إلى أن سقط صريعا مضجرا بالدماء. لكن المضحك المشترك في كلا الحكايتين هو أنه بعد أن يستفيق "البطل" من صدمته يطلب من صديقه أن يشهد على هذه البطولة وأن يؤرخها ويخبر بها "كولومب" ( وكل واحد له "كولومب" التي يحب ).
معركة بطولة متوهمة أخرى دخلها صاحبنا هي معركة ضد "غبار قطيع أغنام"، أوهم نفسه أنه يواجه زحف جيش جرار، فاندفع بجواده ليخوض المعركة ليثبت فيها شجاعته ويخلد اسمه، لكن ما أن انجلت الرؤية حتى اكتشف أنه قتل عددا من "الأغنام" ووجد نفسه تحت وابل من "حجارة رعاة"...لكنه مرة أخرى أكد على صاحبه أن يكون شاهدا على بطولته وعلى العدد الهائل من الرؤوس التي أسقطها ... بعد كل هزيمة نكراء، في معركة وهمية أصلا، يخرج "الدون كيشوت" مبتهجا محاولا إقناع نفسه وإقناع العالم بانتصاراته الهائلة.
...هكذا تتوالي الأحداث والوقائع لتبين كيف أن البعض يتصارع مع أوهام وخرافات هو مؤمن بها وفي النهاية لا يكسب شيء بل يخسر أشياء كثيرة.
إن ظاهرة "الدون كيشوت" ليست مرتبطة بزمان ومكان محددين، فهي ممتدة في التاريخ والجغرافيا، أنتم بالتأكيد تعرفون عدد كبيرا من "الدون كيشوتات" ( الدون كيشوت بالجمع، وليعذرنا نحاة اللغة) ، قد نتحدث عن الدون كيشوت الإسلامي الذي يصارع "طواحين مؤامرات" العلمانيين والغرب والخونة والكفار...، أو الدون كيشوت الشوفيني الذي يصارع "غبار" كل غريب عن الديار، أو الدون كيشوت الايديولوجي الدوغمائي الذي يناطح أعداء رسمهم بدخان سيجارته ... أو "حزب العدالة والتنمية" الذي يناطح ما يسميه العفاريت والتماسيح، أو البام الذي يسايف ما يسميهم الرجعيين، أو "الفصائل الطلابية" التي تزهق أرواح أبنائها ذاتها متوهمة أنها تتصارع مع الاخر...
قد تقودكم نباهتكم إلى إدراك "الدون كيشوتات" التي ترتع بالقرب منكم، بأحيائكم ومداشيركم ومدنكم ...فعوض أن تلتفت إلى مشاكل الناس وقضاياهم وتساهم في التنمية، لا هم لها إلا إطالة "قرونها"  و"مخالبها"... لتتصارع مع أوهامها. لعلها تقنع الناس بأمجادها وانجازات غير المتحققة سوى في مخيلاتها ومذكرات رفاقهم من أمثال "سانشو باتسا".


كريم اسكلا

دورات تكوينية لتأهيل الشعب


دورات تكوينية لتأهيل الشعب


كريم اسكلا

إعلان:
تعلن مؤسسات المجتمع غيرالمدني عن تنظيم مجموعة من الورشات التكوينية لتأهيل المواطن المغربي:
1.     ورشات التجسس والاستخبار
للاستفادة من هذا التكوين، يجب على المترشح أن يتصف بحس اجتماعي عال، ويستحسن أن يكون صاحب حرفة أو مهنة يختلط  فيها مع ناس كثر. ويستفيد الفرد خلال هذا التكوين من أرضية نظرية حول تاريخ التجسس وتطور طرقه وأساليبه...ثم مبادئ تقنيات التواصل وطرح الأسئلة وأساليب الحصول على الأخبار والمعلومات  بما فيها " طريقة  تسيبي ليفني " لطرق وفنون مضاجعة العملاء. حيث سينفتح المشارك على نماذج دولية جد متقدمة في هذا المجال، إضافة إلى تأهيل لاستعمال التكنولوجيا الحديثة لاتصال والتواصل في العمل.  بحيث يكون المتخرج من هذه الورشة قد خبر كل طرق الجاسوسية ورصد وقنص كل صغيرة وكبيرة عن النشطاء والمناضلين من منامهم إلى منامهم.
2.     ورشات الحملات الاعلامية
يفتح باب المشاركة في هذه الورشات أمام كل صاحب قلم وورق أو شاشة حاسوب أو بوق ... يكفي أن يمتلك ألفبائية الكلام والخطاب...فالمهم هو أن يكون قادرا على القول والكتابة تحث الطلب...ويكون التمرين الأول في الإنشاء بكتابة نصوص تتهم المعارضة بالعمالة لاسبانيا أو فرنسا أو البوليزاريو...وأخرى تتهمهم بالإلحاد أو الكفر أو الشذوذ الجنسي ...التمرين الثاني في فنون الاشاعة والتشهير، والتمرين الثالث في إعداد  صور بالفوتوشوب ورسومات كاريكاتورية لتشويه سمعتهم...التمرين الرابع في إعداد أشرطة فيديو وعمل مونتاج يجمع ما تم رصده من هفواتهم، كصورهم مع أصدقائهم  وصديقاتهم، أو صورهم في لحظات حميمية، وهم يدخنون أو يشربون الخمر، أو وهم برفقة أجانب، أو في وضعيات قد تحرف عن سياقاتها ... وذلك بالاعتماد على ما حصل عليه المخبرون.
3.     معسكر العنف الجسدي واللفظي والاستفزازات
لا يشترط المؤهل العلمي للاستفادة من هذا التكوين، فالأساس هو اكتناز كثلة من العظام والعضلات ...وضمير مستثير، ويضمن برنامج التكوين في هذا المعسر تكوينا احترافيا في طرق إستعمال الأسلحة الخفيفة والمتوسطة من سكاكين وشفرات حلاقة وسلاسل وحبال وسواطير وشواقر ...إضافة إلى التمكين من معجم مكثف ومتنوع من أساليب السب والشتم والقذف. وبعد إختبارت وتدريب خفيف في الغيطة والطعريجة... وترديد  بعض الأغاني التشجيعية على طريقة مشجعي الملاعب ( ديما ديما...، دينها دينها والله ما خلينها، أوهوهو ألللي ااالي ...).
تكوينات هذه المعسكر غالبا ما تكون ميدانية تطبيقية، ويتم ذلك بالتحرش بالمتظاهرين والوقفات والمسيرات الاحتجاجية ... ويجب على المشارك في المعسكر حمل صورة الملك والكثير من الأعلام، والمهمة هي استفزاز المنظمين والاعتداء على بعض المشاركين خاصة الفتيات والنساء...وسرقة بعض الكاميرات والهواتف واللافتات ...كغنائم.
بمجرد الاستفادة من هذه الدورات التكوينية يحصل المشارك على شهادة حسن السيرة والسلوك وشهادة الأهلية للبلطجة، موقعة من أم الوزارات وأبيها.
ملاحظة: تخولك الشواهد المحصل عليها الدخول إلى القيادات والجماعات والباشويات والولايات بدون واسطة. والاستفادة من بعض الإكراميات تبدأ من " بونات الطحين " وولائم الاجتماعات والحفلات الرسمية  إلى مأذونيات النقل والسكن والبناء والقوادة والمتاجرة في المخدرات ... كل حسب كفاءته.  
للمشاركة يرجى الاتصال بأقرب مقدم أو شيخ أو قايد أو باشا بجميع ربوع المملكة.   
تعليق على الإعلان:
لا يحتاج المرء، إذن،  لكثير من النباهة ليكتشف أن المخزنقراطية أعلنت بشكل غير رسمي عن برنامج تكويني مستمر لتأهيل قوى البلطجة. فبعد عهد "الفلاح المدافع عن العرش" ربما قد نعيش بعد ربيع الديموقراطية عهدا من "الشمكار المدافع عن العرش" ... فالعديد من التقارير الإعلامية أثبتت بما لا يدع مجالا للشك ضلوع أطراف من المخزن في تجيش " شمكارة " للتشويش على حركات الاحتجاج وللخروج في مسيرات لإعلان أن " الملك عاش ". هل أصبح النظام يحتاج لشرعية يكسبها له هؤلاء الشمكارة؟ 
إنه بعض الخفي وراء ما يسمى " الشباب المخزني " أو ما كان يسمى على عهد قريب " حراس المؤسسات الدستورية " في مواجهة قوى التغير والإصلاح ...حيث وجدنا أن مجموعة من الأفراد إنخرطوا في هذا البرنامج التكويني معتقدين أنهم يدافعون بذلك عن النظام، في حين أنهم لا يفعلون شيء سوى تشويه صورته والإساءة له... ونستغرب من عدم متابعتهم بتهمة الإساءة للملك ... مثلا في قولهم " وا الملك زطوروطو " ؟؟ أو عندما تمسك التنفيحة والتبويقة بنفس اليد التي تحمل صورة الملك، أو عندما يحمل صدر عاهرة علم المملكة بعد أن كان قبل قليل يحمل زبد نشوة زبون... أليست إساءة "للمقدسات" ؟ 
استدراك: الاقامة والتغذية والتنقل على نفقة المواطنين البسطاء.    

عصيد: التاريخ أكبر الطابوهات السياسية في المغرب على الاطلاق


عصيد: التاريخ أكبر الطابوهات السياسية في المغرب على الاطلاق وهناك تزوير في التاريخ الرسمي الذي يدرس والشرعية السياسية للعديد من الأشخاص مبنية على التاريخ المزور

قال عصيد من وارزازات ان قبر ادريس الثاني ظل مجهولا ستة قرون واكتشفه المرينيون مما يطرح كثيرا من الأسئلة حول صحة هذه الرواية/


تقرير كريم اسكلا.





كسر الاستاذ  الباحث أحمد عصيد صمت مدينة وارزازات وهدوئها بمحاضرة تحث عنوان العلمانية والديمقراطية يوم 22 دجنبر الجاري، حيث تمكن من خلق نقاش جاد وجريء حول الشرعية الدينية والشرعية الديمقراطية في الدولة الحديثة. 
الموقع حضر اللقاء وأعد تقريرا مفصلا عن أهم ما جاء في مداخلة الأستاذ عصيد والتي وصفت بإحدى الدروس البيداغوجية لعصر النهضة المغربية. فأمام العشرات من الحاضرين، الذين حجوا إلى القصر البلدي بوارزازات، شكر الأستاذ أحمد عصيد أهل مناطق الجنوب الشرقي، وقال أن هذه المنطقة لها تاريخ عريق، وأعطت الكثير من الطاقات والكفاءات المعترف بها دوليا ووطنيا. ولكنها مقصية ومهمشة، وأردف قائلا أن سبب مشاكل هذه المنطقة هو في بناء الدولة المركزية بعد الاستقلال، والتي ركزت كل شيء في مثلث الرباط الدار البيضاء فاس، وتناست مناطق قدمت للوطن الشيء الكثير لكن لم يقدم لها أي شيء.
وتأتي المحاضرة حسب عصيد للإجابة على أسئلة راهنة تأتي في السياق الذي يعيشه المغرب بعد الانتفاضات الشعبية في شمال افريقيا والشرق الاوسط، فالثورات والانتفاضات الشعبية حسب عصيد جاءت بنقاش جديد يتميز بأنه شجاع وفيه الوضوح، إذ لم يعد فيه نفاق  ولف ودوران ولغة الخشب. بمعنى أن لغة الخشب تراجعت لصالح لغة الوضوح بين المواطنين وبين الفرقاء السياسيين سواء داخل المؤسسات أو خارجها. وهذا مكسب كبير يرجع الفضل فيه مغربيا الى حركة الشارع المغربي، حركة 20 فبراير التي حررت المغاربة من الخطوط الحمراء التي كانوا يخافون منها، والتي كانت تمنعهم من النقاش الحر والشفاف. وأضاف أن المغرب لم يستطع بعد رفع كل الخطوط الحمراء، بسبب ما اعتبره طرح وثيقة دستورية ليست بالمستوى المطلوب.
وفي سياق حديثه عن حصيلة ما افرزه الحراك الاحتجاجي بالمغرب أكد أن الدستور الذي لا ينص على فصل السلط ليس دستورا ديمقراطيا، إذ اعتبر أنه لازالت نفس السلطة تترأس السلط الثلاث، ولازالت مقاليد الأمور في يد الشخص الواحد. وقال أن القيم الأمازيغية كالمساواة والحرية والعدالة غائبة عن جوهر الدستور. كما تغيب عنه أسس البناء الديمقراطي السليم. وخلص إلى أنه لا يمكن للدستور الحالي أن يخرج المغرب من أزمته.
وقد أرجع الاستاذ المحاضر سبب الارتكاس في مجال دمقرطة الدولة إلى تدخل الدين في السياسة. وأشار إلى ضغوط مارستها العدالة والتنمية والسلفيين لعدم دسترة حرية المعتقد، وسمو المواثيق الدولية، واعادة صوغ الفصل الذي يحدد هوية الدولة بحيث تصبح اللغة الأمازيغية متأخرة في الصياغة المعدلة، ومنفصلة عن العربية والإسلام بفاصلة متسائلا عن معنى ودلالة تلك الفاصلة. مؤكدا أن الشيء الذي عرقل الدستور الحالي لكي لا يكون ديمقراطيا هو استعمال الدين. باعتبار أن معضلة الدستور الحالي هي أنه يستعمل الدين لعرقلة كل خطوات الدمقرطة باسم الخصوصية وثوابت الأمة.
وقد فصل الاستاذ في مداخلته كيف أن الدين يتم استغلاله في اطار الصراع حول الحكم والثروة والقيم. ففي الصراع حول الحكم أشار إلى إعتماد الدولة العنف والقمع والردع لمواجهة الاحتجاجات باسم الدين والحفاظ على هيبة الدولة. وفي الصراع حول الثروة أشار إلى مشاكل المناطق المنجمية كمثال، واعتبر استغلال الثروات الوطنية بدون احترام القوانين الوطنية والدولية خرقا سافرا للقوانين الدولية التي وقع عليها المغرب. وأضاف أنه لا القوانين الدولية ولا الوطنية تحترم في اميضر ولا في وارزازات ولا في بوتزولت باعتبار أن أول بند في القانون الدولي الخاص باستغلال المناجم يقول أنه لا يجوز لأي دولة استغلال منجم من المناجم على حساب مصالح السكان...وأضاف عصيد أن تلك المناجم التي تعطي خيرات كثير للمغرب ولا تناقش لا في البرلمان ولا في الحكومة وتهب إلى جهات مجهولة ولا نعرف من المستفيذ منها. مؤكدا على أنه في كل بلد من البلدان الديموقراطية تكون ثروات البلاد موضوع نقاش عمومي مفتوح، لكن عندنا مناقشة الثروات الوطنية التي هي ملك لكل المغاربة طابو من الطابوهات الكبرى.  وطالب بأن تكون المناجم مناجم مواطنة. بحيث تستغل الثروات  بطريقة تساهم بها في تنمية المنطقة. وفي ربطه بين هذه القضايا الاجتماعية قال أن العلاقة قائمة وعميقة بين قضية اميضر وانفكو وغيرها من المناطق المهمشة بغياب علمانية الدولة باعتبار أن عمق تلك الازمات هو أن هناك فئات تستغل ثروات البلد دون محاسبة ولا رقيب لأنها محمية باسم الدين.
كما أكد المحاضر أن هناك أيضا صراعا حول القيم، صراع حول المساواة والحرية والعدل. وقال أن لا مساواة إلا في اطار المواطنة الكاملة، وأكد أنه لا يحق لأي أحد أن يكون أحسن من أي أحد اخر بأي مسمى. كما أن لا حرية إلا باحترام حرية الجميع وعدم تفصيلها وفق اهواء أي كان. وقال أنه لا يمكن أن تتحقق قيمة العدل مادام هناك قضاء يحكم وفق التعليمات والمكالمات الهاتفية، وما دام الاعتقال الاحتياطي يتم بطرق غير قانونية و مع استمرار الاعتقال بسبب الرأي.
يقول عصيد أن حل كل هذه المعضلات هو الديموقراطية، والديموقراطية بالنسبة له شاملة و كل لا يقبل التجزيء. وهي في جوهرها علمانية. ويسأل عصيد:ما معنى العلمانية فكريا وفلسفيا؟ ليؤكد بالقول أنه قبل أن تكون العلمانية فصلا للدين عن الدولة، هي استقلال العقل البشري بقدرته على التحليل والبحث بحرية، وقدرته على الاختيار، من هنا فحرية المعتقد أساس العلمانية. ويشرح الأمر أكثر، فإذا أردت أن تفرض دينك على الناس ستكون قمعيا قهريا، لان العقيدة لا تفرض. لا يمكن فرض عقيدة لأنها اقتناع باطني يأتي من الباطن، تأتي بالاختيار. وهي استقلال العقل، عندئذ تكون مواطن يمارس طقوسه والدولة يجب أن تحميك. لا شأن للدولة بعقيدتك، الدين لا يجب أن تفرضه الدولة والبوليس. فالدين اختيار شخصي.
وأكد المحاضر على أن الاساس الكبير في العلمانية هو احترام الحق في الاختلاف واحترام الاخر وقبوله كما هو. وقال أنه إذا أجبرت الاخر على أن يكون مثلك فلم يعد حرا.  فإذا كان هناك مغاربة غيروا عقيدة واختاروا عقيدة أخرى، فيجب على الدولة أن تحترمهم. لكن الدولة مع الآسف، كما يضيف عصيد، لا تحترمهم ولا تحميهم. والبوليس يراقبهم. والإسلاميون يخرجون ببيانات تشكر البوليس والداخلية على ما يعتبرونه حسن القيام بمهامها في حراسة الايمان.
ليؤكد على أن استعمال الدين في السياسة هو الذي يؤدي وسيؤدي إلى الفتن. أمام مسعى تنميط الانسان وفق قوالب لا يرتضيه.
فحسب عصيد، الاساس السياسي للعلمانية والديمقراطية هو حياد المؤسسات، إذ أن مؤسسات الدولة يجب أن تكون محايدة في الدين واللغة والجنس والعرق. مستدلا بأن العلمانية ليست غربية المنشأ، وقال أن المجتمعات الامازيغية مثلا كانت علمانية في جوهرها، باعتبار أن القبائل كانت تسير نفسها بقرارات الجماعة والأعراف بعيدا عن المؤسسة الدينية التي يمثلها إمام وخطيب المسجد حينئذ.
كما دعى عصيد المغاربة إلى أبداع علمانيتهم، فكما لفرنسا علمانيتها ولبلجيكا علمانيتها...فعلى المغاربة أين يصوغوا علمانية تنطلق منهم ولأجلهم.
وفي اشارته إلى التناقضات التي يخلقها الاستغلال السياسي للدين قال أنه مع العدالة والتنمية أصبحت الأموال المستخلصة من الخمر حلالا، وأضاف أنه لا يمكن للدولة منع الخمر لأن هناك الالاف العاملين في هذا القطاع، واذا منعته فيجب أن يوفر لهؤلاء مناصب شغل، وأن يأتي  ببدائل للميزانية بمقدار تلك الأموال التي كانت تجنيها من ضرائب الخمر، ثم أن تقدم للذين يشربون البديل، لان شرب الخمر يدخل ضمن نمط الحياة المتعلق بالحريات الفردية والمتعلق بحرية الاختيار.
يستغرب عصيد كيف أن الدولة سنت قوانين لا تقدر عليها. الدستور ينص على شيء والقانون الجنائي.  وقال أن مثل هذه التناقضات ستحل بالعلمانية لأن سبب تلك التناقضات هو استغلال الدين في السياسة.
وجه عصيد نقدا لاذعا للمثقف وقال أن دور المثقف دور نقدي أينما كان. دوره هو الكشف والفضح. وقال أن بعض المثقفين أصبحوا موظفين لدى السياسي مجرد "كتاتبية" لدى الحزبيين.
في سياق حديثه عن الاستغلال السياسي للدين، أشار إلى أنه في إطار تزوير التاريخ كانت الحركة الوطنية تشهر راية ما تسميه الظهير البربري، وتقول أن الظهير يهدف إلى تنصير البربر. ويتساءل في النهاية من تنصر؟ من تنصر واشتهر في العالم هم أفراد من عائلة  الحركة الوطنية.  وقال أن البعثات التبشيرية كانت في المغرب منذ 1858 ، ولم يتحدث عنها أي أحد إلى غاية 1930. لماذا لم تتحدث الحركة المسماة وطنية عن التبشير المسيحي إلى غاية هذا التاريخ؟ السبب حسب عصيد هو ذهاب الماريشال ليوطي الحليف للبرجوازية المدينية. حيث كان يعطيهم الامتيازات باعتبارهم كانوا يمارسون الوساطة بين الرأسمال الاستعماري والسوق المحلية، وعندما لم يصبحوا يستفيدون لأن الاستعمار غير سياسته واصبح يستغل البلد مباشرة بدون وسطاء. عندما أصبحت الحركة الوطنية لا تستفيد، أصبحوا وطنيين فجأة. يعني أن الوطنية بدأت عندهم سنة 1930.
وفي رد الاستاذ عصيد على سؤال الموقع عن الضجة التي أثارتها تصريحاته حول نسب العائلات الحاكمة بالمغرب منذ عهد الادارسة، واشارته إلى أن إدريس الثاني ولد أشهرا بعد وفاة ادريس الأول الذي ظل بدون أبناء لمدة خمس سنوات. وكان رده صارما ومتحديا، إذ أكد أن هناك تزوير في التاريخ الرسمي الذي يدرس في المدارس. فالتاريخ كما صرح عصيد هو أكبر الطابوهات السياسية في المغرب على الأطلاق. لأن الشرعية السياسية للعديد من الأشخاص مبنية على التاريخ المزور. ولأن فئة معينة من الناس مستفيدون من الفيرمات والأراضي والامتيازات والإدارات بسبب تلك الرواية التاريخية المزورة. وطالب منتقديه بتأكيد رواياتهم التاريخية بشكل عقلاني. وقال أنا أريد من هؤلاء الذي كانوا يروونا علينا حكاية الأطفال المبتذلة بأنه جاء ادريس الأول وعانقه المغاربة، وولوه ملكا على المغرب، وأن أول دولة في المغرب هي الدولة الادريسية وهي دولة عربية...هي حكاية للأطفال غير صحيحة و قال أنها ( رواية A dormir debout). ويردف أن ادريس جاء وعمره 42 سنة، ويتساءل هل جاء متزوجا أم أعزبا ؟ هل كان لديه أبناء؟ والإشكال الثاني الذي يطرحه على المؤرخين هو هو أن الرواية تقول أن المغاربة بايعوه ملكا، والنصوص تقول أنه بويع إماما. والسؤال هو لماذا لم ينزل في مصر أو تونس أو الجزائر؟ لأن مصر وتونس كانت دول سنية، والجزائر كان فيها خوارج.  وجاء إلى المغرب لأن التجمع الذي استقبله كان شيعيا. وإذا بويع ادريس وزوج بكنزة الأوربية...يعني أنه ظل معها خمس سنوات دون أولاد، ولم يولد ادريس الثاني سوى بعد وفات ادريس الأول بأشهر؟ والسؤال الاخر الذي يطرحه هو لماذا قام بمذبحة قتل فيها كل نسب والديه، كيف يقتل ادريس الثاني جده اسحاق وكل نخبة ادريس الأول، وخلق نخبة عربية أخرى من نخبة الاندلس؟ هذه أسئلة طرحها عصيد متحديا المؤرخين بإنارة هذه الفترة التاريخية في التاريخ الرسمي.
وخلص عصيد إلى أن الشعب المغربي لا تمثله عائلة أو نسب أو شجرة، الشعب المغربي يريد دولة تمثل كل المغاربة.
ويضيف أن قبر ادريس الثاني ظل مجهولا ستة قرون، ويتساءل كيف أكتشف في العصر المريني. والمؤرخ يقول أن سيدا نام فرأى رؤيا تقول أن ادريس الثاني دفن تحث الشجرة فاقاموا عليه قبرا. ويتساءل ما إذا كان مثل هذا القول تاريخ. ويستغرب عصيد من أن الآن يذهب السلاطين إلى هذا القبر ليستمدوا الشرعية منه. ويقول أي شرعية هذه ؟ الشرعية هي اختيار الشعب والديمقراطية وليس شرعية الشجرات الوهمية.
ويقول أيضا، لا شرعية لمن يستعمل الدين سواء كان الملكية أو غيرها. فحسبه الملكية المغربية إذا أرادت أن تكون شرعية عليها أن تتعلمن.
ويربط المحاضر بين مشاكل غياب التقسيم العادل للثروات وغياب العلمانية بقوله من يعطي الحق لجهات عليا في الدولة لتستغل ثروات البلاد بدون احترام الحكومة ولا البرلمان ولا القانون. من أين تستمد الشرعية؟ تستمدها من إمارة المؤمنين، يعني من الدين. أنا أنهب ثروتك ولا تحاسبني لأني استمد الشرعية من الدين. ولأن هذا غير ديمقراطي ننادي بالعلمانية. كما يقول الاستاذ أحمد عصيد.
ويموضع عصيد تصوره في سياق ما يعتبره نقدا لجذور السلطة القمعية وغير الديمقراطية، حيث أنه يعتبر أن الانتقال إلى الديمقراطية يستوجب تفكيك الطابوهات لأنها ترسخ الاستبداد.  


جديد: مقالاتي في كتاب الكتروني للتصفح - اضغط وسط الاطار -

الهوامش المنسية في كتاب ورقي

الهوامش المنسية في كتاب ورقي

 
-